بقلم - سمير عطا الله
لا يتوقف يوسف الخال عن مطاردة سعيد عقل وملاحقته والقبض عليه بالجرم اللفظي المكتوب. عبارات لا تقول شيئاً. حنين بلا ألم. اعتناء بالترصيع على زجاج مكسور. ظل شاعر «رندلى» سائراً على درب مستقيم، يذر من حوله القوافي، من دون أن يتوقف لحظة يتأمل القضايا والتحولات الكبرى من حوله. يقول عقل إنه كتب «رندلى» بين 1929 و1949، أي خلال 20 عاماً، «وهي حقبة صاخبة، ربما كانت أكثر حقب التاريخ تغييراً لوجه التاريخ. ففيها وقعت الضائقة المالية التي زعزعت النظام الاقتصادي العالمي وأدَّت إلى اشتداد ساعد الشيوعية والاشتراكية، وفيها نهض هتلر وتوطدت دعائم الفاشية في إيطاليا وأوروبا، وفيها قامت الحرب الأهلية الإسبانية التي تركت أثراً هائلاً في النفوس والعقول، وفيها اندلعت الحرب العالمية الثانية، وفيها فجَّر الإنسان الذرة، ونهضت أميركا والاتحاد السوفياتي على حساب فرنسا وبريطانيا، واستقلّت الهند وسوريا ولبنان، وقامت دولة إسرائيل فوق رقابنا، وقامت الجامعة العربية... فهل من أثر لكل ذلك في أي عمل من أعمال سعيد عقل أو غيره من الشعراء اللبنانيين؟».
يقدم الخال في المقابل أسماء كبار الشعراء الأميركيين والأوروبيين، خصوصاً الفرنسيين الذين انتقلوا بالشعر من القافية إلى القضية، ومن السطحية إلى الأعماق، وكيف تبدّلت لغة الشعر برمَّتها، فيما لا يزال سعيد عقل يفتت الورود والأزهار ويمتطي إيقاعاً واحداً، ويحمل سلة من المفردات المتجمدة الخالية من أي مشاعر:
ليلُ، يا ليَلَ الخيالْ/ يا حبيبا طي شال
ضاحكتك الرابية/ ودَعَتك الثانية/ دعوةَ الزند إلى ضم الجمال.
أترى أنتَ وترْ/ مقلق بال الحجرْ/ أم غلوٌ أنتَ في كرّ اليمام،
أم سريرٌ شدّه خيط القمر؟
طِرْ بنا، يا ليل، طرْ، أنت الغرام.
***
ليلُ، يا أسود ما شاء البهاء/ لم يكن، لولاك، للسهل ارتماء
لا ولا طاب لقلبين اللقاء/ ما سواك المشتهى
أنتَ أنتَ المنتهى/ يا ضياءُ فتّ مسكاً في الضياء
جُنّ، وامرح في الربى/ كالسنى النضر الصبا
كنشيد الخصر في ليّا القوام.
وإذا جفن إلى جفن صبا/ طر بنا، يا ليل، طرْ أنت الغرام
***
انسدل واسأل ليالينا الحسان:
عن يديَ من هيل كالورد الزمان؟