لكنه بنى البلاد

لكنه بنى البلاد

لكنه بنى البلاد

 العرب اليوم -

لكنه بنى البلاد

بقلم - سمير عطا الله

ذهبت إلى بوخارست، عاصمة رومانيا، مرة ولم أحبها، وكتبت عن ديكتاتور البلاد، نيكولاي تشاوشيسكو، قبل وبعد سقوطه، من دون أي تعاطف. كانت سمعة الحاكم الفظ أشبه بسمعة ستالين. وكانت صورة زوجته إيلينا كاريكاتيرية من دون إضحاك، صورة امرأة منحت نفسها شهادة الدكتوراه في الكيمياء بالسهولة التي تتبضع بها قبعات الفراء في باريس.
قبل سقوط تشاوشيسكو بقليل التقيت طبيب أسنان لبنانياً تلقى دروسه في رومانيا، وسألته عن انطباعه عن حقيقة الحياة هناك. قال لا وجود للحرية، لكن الرجل كان محبوباً والبلاد كانت آمنة، والعمل مؤمن، والبطالة لا وجود لها، وكان التعليم المجاني مؤمناً وأسعار السلع مضبوطة... إلخ.
ثم سقط، تشاوشيسكو في انهيارات جدار برلين وأقيمت له محاكمة صورية محزنة أعدم في نهايتها هو وزوجته. وكتبت في متابعة الأحداث يومها مقالات عدة، خلت كلها من محاولة إعادة النظر في إرث الديكتاتور.
التقيت خلال تلك الفترة سيدة أعمال رومانية في حفل عربي في أحد فنادق لندن. وسألتها إن كانت الأوضاع أفضل مما كانت عليه أيام تشاوشيسكو. قالت، كل شيء سيئ الآن. الاقتصاد رديء، والفساد مزدهر، والفقر كثير، والبطالة عديدة، والضمانات جميعها سيئة.
قبل أيام تعرفت عند صديق لي على طبيب روماني شاب. وقلت له، أعرف أن هذا السؤال يطرحه عليك جميع الناس: ما هو رأيك في مرحلة تشاوشيسكو؟ كانت سرعته الحماسية في الإجابة لا تحتاج إلى المزيد. قال إنه الرجل الذي بنى المؤسسات والجامعات وشبكات الطرق وأسس رومانيا الحديثة، وأكثر من حافظ على الاستقلالية بين زعماء أوروبا الشرقية، ومن بعده بدأ الانهيار الاقتصادي، وانهارت الحياة الاجتماعية. وبعدما كنا دولة متميزة بين بلدان الكتلة الشيوعية، أصبحنا في أسفل السلم. أو السلالم.
ماذا أريد أن أقول؟ لا شيء. ولا حتى أن أعتذر. لكن في كل ما كتبت عن رومانيا، أو من بوخارست، لم يكن موضوعياً. ولا مهنياً. لقد ذهبت إلى رومانيا وأنا أحمل معي مجموعة مواقف مسبقة مستندة إلى مصادر غربية غير محايدة. وبسبب شغفي بمسألة الحرية، لم أحاول - كما تفترض المهنة - أن أفتح أذني أو صدري إلى ما يقوله المحايدون، أو محبو رجل لعب دوراً تاريخياً في حياة بلاده.
طبعاً لم يكن هناك كذب، أو مغالاة في أي كلمة كتبتها، لكنني تغافلت عن الحقائق الأخرى، وتغافلت عما فعل الذين جاءوا بعده من سوء. كان قد بنى أسس رومانيا، لكنهم لم يبنوا شيئاً يذكر.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لكنه بنى البلاد لكنه بنى البلاد



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 العرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 العرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:49 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 العرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 08:54 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان
 العرب اليوم - محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 07:30 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوق الأسهم السعودية تختتم الأسبوع بارتفاع قدره 25 نقطة

GMT 15:16 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

فليك يتوجه بطلب عاجل لإدارة برشلونة بسبب ليفاندوفسكي

GMT 16:08 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سحب دواء لعلاج ضغط الدم المرتفع من الصيدليات في مصر

GMT 15:21 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لاعب برشلونة دي يونغ يُفكر في الانضمام للدوري الإنكليزي

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 14:05 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سيمون تتحدث عن علاقة مدحت صالح بشهرتها

GMT 15:51 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

غارة إسرائيلية على مستودعات ذخيرة في ريف دمشق الغربي

GMT 04:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب تشيلي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab