معادن الجوهر

معادن الجوهر

معادن الجوهر

 العرب اليوم -

معادن الجوهر

سمير عطا الله
بقلم :سمير عطا الله

كان محسن العيني كثيراً على السياسة اليمنية، ولذا؛ ما كان يشكل حكومته، حتى يستقيل. وعندما كُلف في أوائل السبعينات تشكيل حكومته الثانية، أو الثالثة، في صنعاء، وضعت الخبر في «النهار» تحت عنوان: «اليوم أعلن العيني حكومته... فمتى يستقيل؟». وكان ذلك العنوان بداية لصداقة مشرفة لي مع واحد من نبلاء العرب ومن أكثر سياسييهم ترفعاً.
عند غياب الكبار، تختلط المشاعر القومية بالمشاعر الفردية. والمودة التي جمعتني بالدكتور العيني كانت من النوع الذي يثبت تلقائيا. كم من السهل على العرب أن تجمعهم أمة واحدة؛ سواء كانوا من جبال اليمن ومن جبال لبنان. وكم من السهل أن يتقاتلوا فيما بينهم؛ في صنعاء أو بيروت. لكن محسن العيني هرب من كل قتال. وترك المناصب للمتقاتلين عليها. وظل في السياسة من جانبها القومي والفكري والثقافي. ومن ثم ترك اليمن نفسه، وذهب يعيش في القاهرة؛ المنفى العربي المألوف والأليف. لكنه ظل يأتينا إلى بيروت زائراً وعزيزاً. وكان يحرص على السلام على جميع أصدقائه؛ من غسان تويني إلى خير الدين حسيب. ونادراً ما تحدث في السياسات الصغيرة والعابرة. وكم كان كاتم الحزن وهو يرى أحلامه تتفتت من «صنعا» التي وردت هكذا من دون همزتها في قصيدة الإمام الشافعي الشهيرة، وهو في الطريق إليها. لكن السفر طال كثيراً ببعض الوجوه العريقة من أهل اليمن. وغابوا بعيداً عن أرض شبابهم. ومنهم ذلك العملاق البهي الأشيب الشعر، أحمد محمد النعمان، الذي خرج أستاذ مدرسة من قريته ذي قار ليصبح «الأستاذ» على مدى البلاد. وعلى مدى البلاد نشر الأستاذ وتلميذه أدب الدماثة والمتعة والرحابة. وكان صعباً أن يصدق المرء أن هذا النوع من الرجال قادم من أرض البراكين، والحروب التي لا تستكين.
في هدوئه المطلق، غاب محسن العيني. اعتكف منذ سنين، عندما اقتنع بأن رصاصة الرحمة قد أطلقت على كل أحلامه؛ هو اليتيم الذي قال إن العطف على يتمه أنقذه من رعي الإبل وخوض قتال القبائل، لكي يطلب العلم في بيروت، ثم القاهرة، حتى عندما قطعت عنه المنحة الدراسية.
في غياب مثل هؤلاء المصنوعين من معادن الذهب يحار المرء؛ أيهما أعمق في حزنيه: الشخصي الحارق أم القومي المحروق.

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معادن الجوهر معادن الجوهر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab