الناعور

الناعور

الناعور

 العرب اليوم -

الناعور

بقلم : سمير عطا الله

 

ثمة نوع من الأمراض الصعبة يعرف عند الطب «بالناعور»: هيموفيليا. وكان نجل قيصر روسيا، نقولا الثاني، مصاباً به. وقد ادعى كاهن من غلاظ الفلاحين يدعى راسبوتين أنه قادر على معالجته. وبسبب ذلك، وبسبب ضعف الأم حيال ولدها، أخذ راسبوتين يتحكم بالقصر، ويتدخل في شؤون الدولة، وكان فسقه أحد أسباب نهاية الحكم القيصري.

لبنان ولد مصاباً بالناعور: دماء تسيل بلا توقف بمجرد أن يوخز بدبوس، جسم هش يعتل سريعاً ولا يشفى إلا ليصاب من جديد. صحيح إنه جميل وأخّاذ وفاتن. لكن فتنته فتنة.

هذه المرة مريض ومخلّع، وكالعادة، غريب الأطوار، «فالشيعة» الذين أصروا على إلحاقه بغزة، هم الأكثر تضرراً: الجنوب أصبح أرضاً محروقة، بيوتهم مهجورة، وهم في الملاذات، والمآوي، وعلى جانب الطرقات. والآخرون بعشرات الآلاف، في المطاف، مليون ونصف مليون نازح يدّعون التضامن، وفي الحقيقة يتناحرون ويتنافسون، ويتشاءمون، ويرتعدون رعباً من التفكير في الغد. وبالنسبة إلى كثيرين منهم فهو ذهب ولم يعد. هيموفيليا.

أوائل الستينات منح الدكتور بيتر مدور، البريطاني اللبناني، جائزة نوبل الطب، لأنه نجح في عملية زرع الجلد الغريب. في بلد والده لا يزال من الصعب زرع جلد الجسد الواحد. بلد معتل وجائع وعلى الطرقات. وغير قادر على الاتفاق على وقف النار. وتحير مدرك حتى الآن أنه وقع في فخ نتنياهو، وشدقي غالانت.

الجميع متفق على أنه بلد مصاب بالناعور، ولذلك، يجتمع الأطباء حول العالم للتدارس في حالته. وتكتب له الوصفات والعلاجات إلاَّ علاجاً واحداً: حبوب ضد النزعة الانتحارية. مهدئات «في الطريق إلى القدس الشريف في المستقبل القريب» دون تحديد الموعد.

عندما تقوم بتهجير أهل منطقة ما، ماذا يحدث؟ يحدث أن منطقة تفرغ ومنطقة تفيض. وكلتاهما تفقد منطقها واتزانها. أدهى ما فعله «ملك إسرائيل» حتى الآن ليس المجازر الوحشية، وإنما رمي الناس في حياة الحشر، وإغراقهم في مشاهد القيامة. احتكاك اليائسين بعضهم ببعض وهم في أسوأ ظروف الضيق، والتحسس، وغم الصدور. وكما فعل في غزة، حيث أمر الناس بالتنقل من مكان إلى مكان ضمن المساحة نفسها، هكذا يفعل باللبنانيين. يحدد لهم أماكن الإخلاء، ثم يمحوها بحيث لا يعودون قادرين على العودة إليها.

ولبنان بلد ولد مصاباً بالناعور. مرض النزف الذي لا يتوقف إذا ما بدأ. لذلك، تقتضي البداهة التجنب. لأن القضية حماية الأهل، لا إثارة العدو.

arabstoday

GMT 07:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 07:15 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ما بعد وقف إطلاق النار؟

GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ليس نصراً ولا هزيمة إنما دروس للمستقبل

GMT 06:46 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

العلاقات التركية السورية تاريخ معقد

GMT 06:44 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الناعور الناعور



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 05:56 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

تدمير التاريخ

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 17:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يحاول استعادة بلدات في حماة

GMT 06:19 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

اللا نصر واللا هزيمة فى حرب لبنان!

GMT 02:32 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا تعلن عن طرح عملة جديدة يبدأ التداول بها في 2025

GMT 08:33 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

حذف حساب الفنانة أنغام من منصة أنغامي

GMT 20:57 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عبدالله بن زايد يؤكد موقف الإمارات الداعم لسوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab