انتحر في البرازيل

انتحر في البرازيل

انتحر في البرازيل

 العرب اليوم -

انتحر في البرازيل

بقلم - سمير عطا الله

في مثل هذه الأيام، 23 فبراير (شباط) 1942، أقدم أشهر كاتب أوروبي والأكثر مبيعاً، على الانتحار، هو وزوجته الثانية لوتي، بتناول فائض من الحبوب المنومة. شعر النمساوي ستفان زفايغ، أول الأمر بأن مواطنه، العريف أدولف هتلر، يأخذ البلاد الجرمانية إلى القتال والموت، فهرب إلى لندن. وفي لندن شاهد مقاتلات هتلر تقصف جمال المدينة وتاريخها فهرب إلى البرازيل. ومن البرازيل شاهد العالم كله ينهار، فلم يبقَ من مفر سوى الانتحار.
لا يستطيع كاتب أو مفكر أو شاعر أو إنسان أن يقف في وجه البشرية الجماعية. لم تنفع كتابات زفايغ شيئاً في وجه الهمجية النازية التي يحاربها بوتين حتى الآن. ولا كتابه عن «العالم كان بالأمس» ولا «العام 1453» أجمل وأهم ما كُتب عن سقوط المسيحية الغربية في القسطنطينية. ولا سيرته ولا السِّير الموضوعية التي وضعها. وفي النهاية انتحر وهو في ذروة مجده الأدبي.
لم يخطر لي في هذه المحنة التي يمرّ بها العالم على مشارف هذه التلال من الرماد، سوى انتحار زفايغ ولوتي. رجل واحد يمسك بالكوكب من عنقه ويهزّه هزاً، والكوكب، كالعادة، أرنب يطلب الإذن بالاستغاثة ويقدم ما لديه: مجلس الأمن، الجمعية العامة، العقوبات. لكنه هذه المرة مضى أبعد من ذلك ليضرب حول روسيا حصاراً لم تعرفه في ذروة الحرب الباردة. لم يكن ممكناً هذه المرة عدم رؤية الحريق وسماع المدافع ومشهد طوابير اللاجئين في ثلوج أوروبا.
تنتقل حروب البشرية من مكان إلى مكان، ومن قارة إلى قارة. ومعها تنتقل عذابات الشعوب، وأحقادها وثاراتها. وأيضاً المصالحات التي يعقدها الأحياء فوق قبور الضحايا الأقل حظاً.
المسألة في من ينتحر أولاً. فقد كان انتحار زفايغ مسألة شخصية أو حدثاً أدبياً درامياً، لكنّ هتلر نفسه سوف ينتحر في نهاية الحرب، ولم تكن مسألة شخصية على الإطلاق. مثل انتحاره، مثل القنبلة النووية على هيروشيما. موتُ القاتل هنا حياةٌ للمرشحين الباقين للموت، وخلاصٌ وشفاءٌ من حالات النهم للإبادة والخراب.
طبعاً ليست إلا مسألة رمزية أو مجازية: ماذا لو انتحر هتلر قبل عامين أو ثلاثة؟ هذه أسئلة تُطرح من باب التمني بعد فوات الأوان. وفي الحالتين حدث الانتحار قبل أن يتمم النمساويان الشهيران مهمتهما في الحياة: زفايغ في كتابة تاريخ الرجال، وهتلر في إبادتهم.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتحر في البرازيل انتحر في البرازيل



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه
 العرب اليوم - العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab