مفكرة القرية تحصيل دار

مفكرة القرية: تحصيل دار

مفكرة القرية: تحصيل دار

 العرب اليوم -

مفكرة القرية تحصيل دار

بقلم:سمير عطا الله

في أوائل الخمسينات كان لا يزال يُعرف باللقب التركي «تحصيل دار»، أي جابي الضرائب. وكان هو أيضاً من الزمن العثماني، من دون أي تعديل، أو أي محاولة في ذلك، لزوم المهابة والوقار وسمعة الدولة العلية. ولم نعرف له اسماً، فيُعرف فقط بلقبه المخيف. وإضافةً إلى اللقب، كان يحمل عصا لمّاعة، ويعتمر طربوشاً، ويرتدي بذلة صيفية بيضاء، تؤكد وجاهته بين الجميع، ومن تحت الطربوش كان يبدو ما تبقى من شعره المصبوغ بالحنّاء، وعلى وجهه الأبيض مثل رجال الإنجليز، بانت بقع جلدية تعلن اقتراب سن التقاعد، ولم يكن يستطيع إخفاءها.

كان يأتي إلى الضيعة مرة في العام، ومجيئه كان حدثاً غير مرحَّب به. فمن أين تأتي له الناس بالضرائب؟ وماذا تساوي كل هذه الحقول المهملة الجرداء؟ ألا يعرف أن السواعد التي كانت تحرث وتزرع وتحصد أصبحت الآن يداً عاملة في بوينس آيرس، والريو، وغابات المطاط في أفريقيا؟

يعرف. لكن هذه ليست مهمته. مهنته أن يعرف وأن يعود إلى الوزارة ومعه شيء ما للدولة، فهي أيضاً لها أبناء ويجب تدبير أرزاقهم.

كان يمر بين البيوت مستكشفاً ما يمكن ضبطه للجباية. ويبتسم للناس ابتسامته المذلّة الماكرة. يبتسم كأنه يهددهم: أنا ابن جلا وطلّاع الثنايا.

وكان الناس يبتسمون له كمن يرسم تعويذة. مباراة غير معلنة في البحث عن شيء في ديار قلّت أشياؤها. لا شيء يا صاحب السعادة. ولكن هذا لا يمنع أن يتجمع أهل النخوة ويقيموا للضيف مأدبة ولا كل المآدب. وحتى خلال الغداء هم خائفون. ماذا لو أنه تغير فجأة وخلع طربوشه ورماه في الأرض صائحاً، لا يمكن أن أعود إلى أمكم الدولة خاوي اليدين! هل يصارحونه بالحقيقة: يا صاحب السعادة، هل أنت واثق من أن الدولة أُمٌّ صالحة، أم أنها مثل أُمّها، التي كانت مثل أُم أُمِّها؟

يقرأ الجميع ما يدور في النفوس، ويأكلون ويشربون نخب صاحب السعادة. وبينما هم يودّعونه ينتحي به «المختار» جانباً، كما فعل في الصيف الماضي، ويدس في جيب سترته شيئاً ما، معتذراً باسم الجميع، لأن المتوافر أقل بكثير من الواجب.

يبتسم صاحب السعادة، مثل الصيف الماضي وسائر الأصياف.

إلى اللقاء الصيف المقبل!

 

arabstoday

GMT 14:32 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

سياسة ترامب.. بالونات اختبار

GMT 08:49 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

شاليهات

GMT 08:46 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

غزة بين خروج «حماس» أو ترحيل سكانها

GMT 08:45 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

سَلْمٌ الخاسِر و «بي بي سي»!

GMT 08:43 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

العَلمَانية... كلمة الجدل السائلة

GMT 08:28 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

السب لا يفيد ولا اللعن

GMT 08:24 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

الشر وأثر الفراشة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية تحصيل دار مفكرة القرية تحصيل دار



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:03 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

هالة صدقي تعلن أسباب هجرتها من القاهرة

GMT 16:57 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

قصي خولي يكشف مصير مسلسله مع نور الغندور

GMT 13:06 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

محمد سعد يحتفل بنجاح "الدشاش" بطريقته الخاصة

GMT 17:18 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

القوى العظمى.. يوتوبيا أم ديستوبيا؟

GMT 04:41 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

سماع دوي انفجارات قوية في كييف

GMT 04:32 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

زلزال يضرب بحر إيجة غرب تركيا

GMT 04:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

قوات الاحتلال تقتحم مخيم بلاطة شرقي نابلس

GMT 05:56 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

عاصفة شمسية تكشف أسرارًا مدهشة حول الأرض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab