مدن الإسلام أثينا العرب وأفريقيا

مدن الإسلام: أثينا العرب وأفريقيا

مدن الإسلام: أثينا العرب وأفريقيا

 العرب اليوم -

مدن الإسلام أثينا العرب وأفريقيا

بقلم - سمير عطا الله

لا في روما ولا في الأقصر ولا في أي مدينة أخرى يبدو التاريخ كثيفاً كما تشعر به في مدينة فاس. ولا في مدينة فكرية أخرى تتزاحم الأسماء الكبيرة كما هي الحال في الجزء القديم من هذه المدينة التي سميّت «أثينا القارة الأفريقية»، أو أثينا العرب إذا شئت. ميزتها الأخرى في العالم أنها مؤلفة من 10.000 شارع وزقاق، جميعها مسدودة، بُنيت كذلك من أجل أمن السكان، الذين يبلغ عددهم الآن نحو ربع مليون نسمة، يجوبون هذه المتاهة العابقة بغبار التاريخ، كل يوم، بعباءاتهم التقليدية وصخبهم الجميل، وذلك الحماس الرائع في الترحيب بالغرباء. تعرفهم أيضاً من لباسهم كأنهم في حقبة تاريخية أخرى.

تترك فاس في ذاكرتك الصورة والصوت معاً. والصوت هو دق لنحاس في حي الصفّارين وسلالمه الحجرية ونوافذ مبانيه العتيقة وحيويته تبدو كأنها مستمرة منذ أن أصبحت المدينة في الوجود. وقبل زمن السيارات بزمان طويل، اتخذت لنفسها ما تطمح إليه جميع المدن الأخرى، أي أكبر مساحة خالية من السيارات في العالم.
عندما تدخل فاس تتناهى إليك على الفور أصوات وأنغام الصفّارين كأنها عمل فرقة موسيقية واحدة، متناغمة على نحو غريب، كأنما بقيادة رجل واحد. وتحار وأنت تعبر هذه المتاهة من شارع إلى آخر، ومن قنطرة إلى أخرى كيف تسنّى لمدينة واحدة أن يرفع رايتها هذا الحشد من عباقرة الزمان، من ابن خلدون إلى حسن الوزّان الذي كتب روايته أمين معلوف تحت اسمه اللاتيني «ليون الأفريقي».

وتقع مكتبة «خزانة القرويين» في صلب مَعلم فاس الهندسي والثقافي. في عام 859، قبل قرن على قيام الأزهر في القاهرة، قررت فاطمة الفهرية، وهي ابنة تاجر غني من القيروان التي تقع فيما تُعرف بتونس اليوم، وكانت تتحلى بالتقوى، أن تستثمر الإرث الكبير الذي حازته من أجل تأسيس جامع القرويين والمدرسة، وكانت أول امرأة تفعل ذلك في العالم الإسلامي (وما زالت المكتبة تحتوي على شهادتها العائدة إلى القرن التاسع، هي كناية عن لوح خشبٍ يكاد يُقرأ عليه ما كُتب من جراء أضرار ألفيّةٍ كاملة). وأختها مريم أيضاً أسّست الجامع الأندلسي في الضفّة الشرقية المقابلة، ونمت المدينة من الجهّتين حول هذين الجامعين: عدوة القرويين على الضفة الغربيّة من النهر، وعدوة الأندلس على الضفة الشرقيّة منه. وفي بادئ الأمر، كان الجامع صغيراً متواضعاً بأربعة صفوف، ولكنه سرعان ما نما ليتضمن جامعة ومكتبة في القرون التالية التي تم فيها ترميمه وتوسيعه.

إلى اللقاء...

arabstoday

GMT 04:44 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

بحر الكعبة

GMT 04:42 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

وارد بلاد برة

GMT 19:01 2024 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

سقطات النجوم “بتوع البيبسي”!

GMT 03:29 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

اعترافات ومراجعات (59) من أحمد حسنين إلى أسامة الباز

GMT 03:27 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

مشروع إنقاذ «بايدن»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام أثينا العرب وأفريقيا مدن الإسلام أثينا العرب وأفريقيا



GMT 00:16 2024 الأحد ,23 حزيران / يونيو

محمد سعد يعود للسينما بعد غياب 5 سنوات
 العرب اليوم - محمد سعد يعود للسينما بعد غياب 5 سنوات

GMT 10:48 2024 الأحد ,23 حزيران / يونيو

دوي انفجار في سهل الحولة بالجليل الأعلى

GMT 00:16 2024 الأحد ,23 حزيران / يونيو

محمد سعد يعود للسينما بعد غياب 5 سنوات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab