قصة متقاعديْن

قصة متقاعديْن

قصة متقاعديْن

 العرب اليوم -

قصة متقاعديْن

بقلم - سمير عطا الله

كان الشباب في دول الكفاف يطلبون ضمان الوظيفة الرسمية، خصوصاً في حقلين، الجيش والتعليم. انتقل هذا التقليد من الرتباء والعرفاء إلى الضباط. تصادف في عائلة شقيقة زوجتي، الكبرى، أنها دخلت سلك التعليم، ودخل زوجها سلك الضباط في الجيش. وشاء قدره أن يتخرج في دفعة واحدة مع الضابط ميشال عون.

ذهب عديلي إلى التقاعد برتبة «عميد» بدل رتبة «لواء»، حيث كان محسوباً على مؤيدي عون، إلا أن مزايا الخدمة في الجيش لم تتغير: طبابة العائلة، وسائقها، وأقساط المدارس، وتعاونية الأغذية، والنادي العسكري... وخلافه.

في الوقت نفسه، تقاعدت زوجته بوصفها مديرة مدرسة. وشكّل المعاشان دخلاً لائقاً بعائلة متوسطة بضع سنين، ثم حدث تغيير في البلاد، إذ حقق ميشال عون حلمه برئاسة الجمهورية، بعد قيادة الجيش ورئاسة حكومة «الشرقية» المؤلفة منه ومن ضابطين آخرين من لون طائفي واحد، للمرة الأولى في تاريخ البلد. وبعد فترة انتقل عون وتياره من الحرب ضد سوريا إلى الحرب معها، وأصبح رئيساً للجمهورية.

لم تتوفق الجمهورية كثيراً في عهد عون. ارتكب رئيس حكومته، حسان دياب، في حق لبنان ارتكابات اقتصادية فاحشة، وارتكب حاكم البنك المركزي في حق اللبنانيين جرائم مالية موصوفة. وبلغ السوء ذروته في انفجار الميناء، الذي تبين أن الذين حذروا منه ميشال عون وحسان دياب (د.ع). بعد ذلك أصبح انهيار البلد، والاقتصاد، والدولة، أمراً تلقائياً. وكان أول المتضررين، الجيش، فعليين ومتقاعدين، وثاني المتضررين هو المعلمون والمعلمات، في الخدمة أو في التقاعد.

تقبل الناس المصائب، ونفى العهد مسؤوليته عن أي شيء. بينما مر رياض سلامة من وجه القضاء اللبناني، والعدالة الألمانية، والفرنسية، والبريطانية، ودوقية اللوكسمبورغ، وطارت ودائع الناس، فقراء وأغنياء، وانزوى عديلي في منزله بعدما أصبح راتبه التقاعدي وراتب زوجته معاً راتب عريف في الخمسينات.

كان هو وهي مجرد نموذجين عما حل بمئات الآلاف من البشر. وفي هذا اليأس الذي أطبق على اللبنانيين جميعاً، أصبحت حالة «العديل» لا تستحق الذكر، لكن بالنسبة إليه وإلى زوجته كانت حارقة. ولم يخطر لأحد منا أنها كانت قاتلة أيضاً. أصيب العديل بمرض منذ نحو عامين، وخسرناه قبل أن نفقده. توحد واختلى إلى حزنه، غير أن العائلة كان يمزقها خوفها على شريكة حياته ورفيقة حياتنا. وكان الجميع يناديها «ماما» حتى الأكبر منها سناً. وكانت أماً لزوجتي أكثر مما هي لأبنائها.

قبل شهر ودعنا «العديل» في صمت. ومنذ أيام ودعنا ماما. وكان من أحزن الوداعات. كنا نعتقد أنها «مهمة» عائلية لا تنتهي حتى بفقدان «النصف الآخر»، لكن كانت لها طقوسها في الحياة والشراكة.

ويوم وداعها، كان المتقاعدون في بيروت يتظاهرون مطالبين الدولة بأن تنصفهم، وكانت الدولة ترد على مطالبهم... بالعصي.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة متقاعديْن قصة متقاعديْن



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 23:14 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

نتنياهو يقدم "البيجر الذهبي" هدية لترامب
 العرب اليوم - نتنياهو يقدم "البيجر الذهبي" هدية لترامب

GMT 13:03 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

هالة صدقي تعلن أسباب هجرتها من القاهرة

GMT 16:57 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

قصي خولي يكشف مصير مسلسله مع نور الغندور

GMT 13:06 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

محمد سعد يحتفل بنجاح "الدشاش" بطريقته الخاصة

GMT 17:18 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

القوى العظمى.. يوتوبيا أم ديستوبيا؟

GMT 04:41 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

سماع دوي انفجارات قوية في كييف

GMT 04:32 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

زلزال يضرب بحر إيجة غرب تركيا

GMT 04:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

قوات الاحتلال تقتحم مخيم بلاطة شرقي نابلس

GMT 05:56 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

عاصفة شمسية تكشف أسرارًا مدهشة حول الأرض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab