بقلم:سمير عطا الله
المشكلة، على ما يبدو، ليست في الأمير هاري. غالباً ما كان هناك منشق في العائلة المالكة البريطانية. رجل أو امرأة يرفض التقاليد المتعبة وجداول الأعمال المنهكة والعمل مع أناس لا يحب التعامل معهم وإلقاء الخطب في جموع غير مبالية أو لا تفهم ماذا تقول.
وليس الأمير هاري أول عضو في الأسرة يتخلى عن مكانه. الملك إدوارد الثامن تخلى عن العرش من أجل مطلّقة أميركية وغادر بريطانيا ليعيش في بلجيكا. أما حكايات الأميرة ديانا فلا نهاية لها. المشكلة، إذن، في الزوجة، وهي أيضاً أميركية ومطلّقة. لكنّ الفارق أن الممثلة السابقة جاءت من كاليفورنيا، أكثر الولايات ليبرالية، وتريد أن تغيِّر، ليس في تقاليد العائلة، بل في ثقافة ومفاهيم البريطانيين العاديين. هذا أمر كثير على البلاد، حيث مجلس اللوردات وحزب المحافظين وسائر ألوان وتقاليد القرون.
ترفض زوجة حفيد إليزابيث الثانية قواعد العائلة المالكة التي أصبحت جزءاً منها، وتصر على إبداء مواقفها في القضايا السياسية، وهي عادة بدأتها في العاشرة من العمر عندما تظاهرت ضد الحرب الأميركية في العراق. وكانت عالية الصوت في تأييد هيلاري كلينتون ضد دونالد ترمب، ومن ثم ضده رئيساً. ظلت الصحافة البريطانية تطارد الأسرة الشابة حتى بعد انتقالها للسكن بعيداً في لوس أنجليس. غير أن مستوى التعامل مع ميغان تردى إلى أقصى حدود الابتذال في الأسبوع الماضي عندما وجه إليها كاتب في «الصن» تعابير لا يمكن إعادة نشرها هنا حتى من باب الأمثال والشواهد. وعاد الصحافي المشار إليه فاعتذر عمّا كتب، غير أن الزوجين رفضا الاعتذار بوصفه غير كافٍ وغير صادر عن إدارة الجريدة نفسها.
تعيد ميغان ماركل الكثير مما كان يحدث أيام الأميرة ديانا، لكنّ العائلة المالكة كانت محصَّنة يومها خلف رصيد الملكة إليزابيث التي كانت من كبار غائبي العام. ويحاول تشارلز الثالث الآن إرساء صورته ملكاً مستحقاً. ولا يفيده كثيراً أن تكون زوجة ابنه الأصغر موضوع هذا المستوى من النقاشات.
تعرَّف الأمير هاري إلى الممثلة ميغان ماركل عن طريق «إنستغرام»، وكانت من قبل مطلّقة، ساكنت رجلاً لمدة عامين. لكنّ الكنيسة الأنغليكانية لم تتوقف عند المسألة وتولى الأمير تشارلز إعلان خطبة الابن.
ليست قضية سياسية. هي في الأساس قضية صحف تابلويد وصحافيين من النوع الذي يعيش على التفاهات. لكن تفاقمها يحوّلها تلقائياً إلى قضية قومية، وتحاول الصحافة الوطنية بكل وضوح دعم الملك والعائلة في مرحلة لا تحتمل بريطانيا الكثير من حضارة التابلويد.