يتيمات الأخوين

يتيمات الأخوين

يتيمات الأخوين

 العرب اليوم -

يتيمات الأخوين

بقلم:سمير عطا الله

في مقالته يوم الثلاثاء الماضي، يروي الأستاذ داود الفرحان بعض لطائف الطرب ما بين العراق ولبنان، ومنها حكاية أغنيتين لفيروز، الأولى «أنا يا عصفورة الشجن»، والثانية «لملمت ذكرى لقاء الأمس بالهُدُب». ويقول استناداً إلى مصادره، إن كاتب الأغنيتين، أو القصيدتين الرائعتين هو فتى من بلدة حاروف، جنوب لبنان، يدعى علي بدر الدين، وإن عاصي الرحباني اشترى القصيدتين من الفتى بمبلغ 150 ليرة لبنانية، شرط عدم البوح باسم الشاعر. الذي هو أيضاً رجل دين وإمام البلدة ومن طلاب النجف.
ليست هذه أول مرة تُنسب فيها «أنا يا عصفورة الشجن» غرة أغاني فيروز، وشعر الرحابنة، إلى الشاعر المذكور. لكن في الرواية الجديدة أضيفت إليها تحفة أخرى من ديوان الرحابنة، هي «لملمت ذكرى لقاء الأمس بالهُدُب». لا شك لدي إطلاقاً بصدق زميلنا الكبير، لكن يبدو أن الهفوة في اعتماد المصادر. يقول على سبيل المثال إن شراء الأغنيتين حصل في منتصف السبعينات، بينما يُشير غلاف أسطوانة «لملمت» إلى أنها غُنّيت عام 1961. ويحتفظ الشاعر هنري زغيب بالأسطوانة وغلافها وتاريخها. وبمعرفتي المتواضعة بالراحل منصور، فقد كنت أعرف أيضاً «بطلة» القصيدة وظروف تأليفها والسهرة التي التقى فيها منصور وصاحبة الأهداب.
أليس من الغريب أن يَنسب عملاقان مثل عاصي ومنصور إلى نفسيهما بعض أجمل ما كُتب في الشعر العربي، وأن يكون ذلك كذِباً ولقاء 150 ليرة احتاجها شاب من طلَّاب النجف؟ لا أحد منا يملك الدلائل الحاسمة، لكن الشك هنا يفوق الحقيقة ألف مرة. والتشكيك واجب أدبي أكثر حقاً من التقبّل. صدرت «عصفورة الشجن» في ديوان قصائد الفصحى التي جمعها الرحابنة عام 1989 بعنوان «قصائد مغنّاة»، وكان عاصي ومنصور لا يزالان في ضيافة هذا العالم، يذرّان الشعر عامياً وفصيحاً. ويلحنان أبهاه وأجمله، ويتساءل المرء لماذا اكتفى العملاقان من شعر السيد علي بدر الدين بقصيدتين فقط؟ مع أن تكلفة شعره كانت متواضعة، وأمرهما كان ميسوراً. وكيف يمكن أن يكتفي شاعر في مثل ذلك الألق بقصيدتين من يتيمات الدهر والشعر، حتى قال عمر أبو ريشة إنه يبيع كل ما كتب لقاء بيت واحد من «لَملَمت»؟
الزعم في الأدب كثير، وكثير منه صحيح. ولا شيء يمنع أن يكون علي بدر الدين أكثر شاعرية من الأخوين اللذين أحدثا هزة تغييرية في الشعر والموسيقى. كما أن ثمة احتمالاً من ضمن شذوذ القاعدة، أن يكون الأخوان قد اشتريا القصيدتين، علماً بأنهما لحّنا عشرات القصائد لشعراء آخرين بأسمائهم الواضحة. فمن على هذه الأرض يعطي فيروز قصيدة تُغنيها وهو خجول بها؟ ألم يشعر السيد علي بدر الدين بالندم فيما بعد على ما فعل ويفكر، بالتالي، إعلان الحقيقة ومقاضاة الرحبانيين، وتأنيب فيروز في أجمل ما غنّت؟
بالنسبة إليّ، كرجل، أَحَب فيروز، وشغف بعبقرية الرحابنة المذهلة، فإن «عصفورة الشجن» هي أجمل ما غنّت وأروع ما كتباه. ولذا فإن في المسألة الكثير من الشخصانية والقليل من الموضوعية. وربما تكون أبحاث الأستاذ فرحان أكثر جديَّة من عواطف ومن تأثير السنوات الخمسين الماضية. وسوف يكون أكثر إذهالاً وإدهاشاً أن يكون هو على حق!

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يتيمات الأخوين يتيمات الأخوين



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه
 العرب اليوم - العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة

GMT 01:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف مناطق إسرائيلية قبل بدء سريان وقف إطلاق النار

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab