مجهول يكتب الروايات

مجهول يكتب الروايات

مجهول يكتب الروايات

 العرب اليوم -

مجهول يكتب الروايات

بقلم - إنعام كجه جي

وها هو الذكاء الصناعي يخرج لنا أرنباً جديداً من قبعته، برنامجاً إلكترونياً يستطيع أن ينظم الشعر ويؤلف لك الكتب التي تريد. يكفي أن تلقي إليه ببعض الأفكار وهو جاهز للتنفيذ في رمشات عين. وقد جرّب صحافي فرنسي البرنامج وحصل على كتاب يباع الآن عبر «أمازون». لكنني لم أسمع، حتى الآن، عن شاعر أو روائي عربي جلس مكتوف اليدين أمام الشاشة وتركها تتمخض وتلد له ديواناً أو رواية.
معنى هذا أننا لن نعود نعرف للكتب نَسَباً. لا ينفع تحليل الحمض النووي للاهتداء إلى الأب الحقيقي، أي المؤلف. هل هو بشر أم آلة تنافس البشر في الذكاء؟
إن المؤلف الشبح معروف في عالم النشر من قبل. يُطلقون عليه في فرنسا تسمية «العبد». أي ذاك الذي يساعد كاتباً في تأليف كتاب مقابل مبلغ متفق عليه. وكان الروائي الرائج جان لو سوليتزر يتشدّق بالقول: «أكتب مع عبيدي». وبقيت رواياته تحقق أعلى المبيعات رغم علم القراء بأنها ليست من بنات خياله. لكن مهمة عبيد الروايات لا تشبه مهمة الأشباح الذين يحررون الكتب للمشاهير من الفنانين والفنانات. يجلس أحدهم مع الفنان ويستمع إلى وقائع حياته. بعد ذلك يتولى صياغتها بأسلوب جذاب. أي «بماء الورد»، كما يقول المصطلح الفرنسي. وتتراوح مكافأة الشبح ما بين 5 آلاف و15 ألف يورو، بحسب خبرته كصحافي أو بحسب شهرة الفنان الذي ستنزل المذكرات باسمه.
سئل شبح فرنسي معروف عن السبب الذي يجعله يؤلف الكتب للغير. قال إنه حلم منذ صباه بأن يصبح كاتباً معروفاً. فهو بالتأكيد لم يولد ليكون عبداً أدبياً. لكنه فشل في بلوغ أمنيته وها هو يعيش من تأليف كتب المشاهير وبعض الروائيين المعروفين.
دفع الأمير البريطاني هاري مليون دولار للصحافي الأميركي جي. آر. مويهرنغر لكي يؤلف له كتابه «بديل». ودفعت دار النشر ما يعادل 45 مليون دولار لهاري مقابل ثلاثية يروي فيها تخبطات حياته. بيع من الجزء الأول، حتى الآن، ملايين النسخ بعدة لغات، وما زال يبيع.
ليس من واجب الكاتب أن يكون موضوعياً حين ينجز مهمة مثل هذه. هو ليس صحافياً ملتزماً بالحقيقة، بل هو وسيط ينقل مشاعر من يكتب باسمه. تعرّف هاري على شبحه بواسطة صديقه الممثل جورج كلوني. ولم يكن الشبح نكرة بل كان كاتباً نال جائزة «بوليتزر» المرموقة. سبق له وأن ساعد لاعب كرة المضرب أندريه أغاسي في تحرير سيرته، وكذلك عارضة الأزياء كلوديا شيفر. لكن الشهرة والمقدرة لا تكفيان. لا بد من استلطاف بين الطرفين. حب من النظرة الأولى. كيمياء تسري بين العبد والسيد.
استمع الكاتب إلى الأمير عبر «زوم». تمدد هاري مرتاحاً في منزله في لوس أنجليس وراح يفضفض وكأنه في حضرة طبيب نفسي. وخلال خمسين جلسة تجمعت لدى الشبح مادة تصلح لعدة كتب. ليس مطلوباً منه أن يحذف أو يختصر أو يجمّل، حتى لو كتب كفراً. تلك مهمة الناشر وفريق المحامين الاستشاريين.
هل يجوز لي الانتقال من الحيز العام إلى الخاص؟ فمنذ بدأت نشر الروايات وأنا أتلقى طلبات من سيدات عربيات لكي أكتب سِيَر حياتهن. هناك من لا يفهم الفرق بين الروائي والعرضحالجي. واليوم يمكن لأي كان أن يستخدم التطبيق الجديد ويحصل على كتابه الأدبي أو بحثه العلمي الخاص. ثورة في عالم الفكر يخشاها المؤلفون وأساتذة الجامعات. هل يخيفني الذكاء الصناعي ويُبهت رواياتي ويهدد مقالاتي؟ إن قدراتي على قدّي ومع هذا أقول له: أتحداك!

 

arabstoday

GMT 18:04 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل والمسرحية.. والمتفرجون

GMT 05:17 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (٦)

GMT 05:14 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

أمٌّ صنعت معجزة

GMT 05:10 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

بورصة أسماء الوزراء

GMT 05:07 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

الرد على الرد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجهول يكتب الروايات مجهول يكتب الروايات



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:17 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

دنيا سمير غانم تعود للسينما بـ«الجارادية»
 العرب اليوم - دنيا سمير غانم تعود للسينما بـ«الجارادية»

GMT 17:57 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

مقتل وإصابة 4 أشخاص في انفجار غرب كابول

GMT 04:39 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

انتشال 60 جثة من مجمع ناصر الطبي في خان يونس

GMT 17:53 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

عواصف رعدية وفيضانات بجنوب الصين

GMT 23:25 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

إياد نصار يكشف أسباب ابتعاده عن السينما

GMT 02:10 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

كما يقول الكتاب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab