عروس بيئية

عروس بيئية

عروس بيئية

 العرب اليوم -

عروس بيئية

بقلم - إنعام كجه جي

والمقصود عروس تشغلها قضايا البيئة وحماية الطبيعة. وليس كما يوحي العنوان بأنها «بيئة». ولا أدري من أين جاء أصدقاؤنا المصريون بهذا الاصطلاح لوصف قاع المدينة. ففي ستينات القرن الماضي، في عز المدّ العروبيّ، غنى المطرب العراقي ناظم الغزالي أغنية بعنوان «عايز عروسة عربية». وجاء في كلمات الأغنية التي كتبها جبوري النجار أنه يريدها بنت الجزائر أو مراكش أو من الخليج العربي أو فلسطين أو «أرض الكنانة مصرية». ثم تنطلق الزغاريد والهلالهل من الكورس مع الزفة التقليدية: «قومي انزلي يا حلوة قومي انزلي».
موضة عصرنا عروس تناضل لمقاطعة المنتجات الزراعية المُسمّدة كيماوياً، والدواجن التي تنمو في معامل التفقيس الصناعي. تقف بوجه كل مسببات الاحتباس الحراري. تؤمن بأن الدراجة هي وسيلة تنقل المواطن الواعي، لا المرسيدس، وأن الباخرة أفضل من الطائرة، والطعام النباتي أكثر «إنسانية» من اللحوم. من يذبح خروفاً ويشوي دجاجة ويشق بطن سمكة هو كائن متوحش. حكم لا يقبل استئنافاً.
كانت أحزاب البيئة تجاهد لاجتذاب الأنصار. والمرشحون الخضر يخوضون الانتخابات على استحياء في دول أوروبا. وهم مضطرون للتحالف مع بقية أحزاب اليسار على أمل الفوز بمقعد في هذا البرلمان أو تلك البلدية. ولما جاءت الناشطة السويدية المدافعة عن البيئة غريتا ثانبيرغ لتتحدث أمام الجمعية الوطنية الفرنسية سخر عدد من النواب منها ودعوا لمقاطعة جلستها. كانت طفلة يوم اعتصمت أمام بوابة مدرستها في استوكهولم وطالبت بالتقاسم العادل لموارد أمّنا الأرض. وهي اليوم، قبل بلوغها العشرين، مرشحة لـ «نوبل».
تساءل أحدهم: «من هذه المراهقة المدللة التي تريد تعليمنا كيف نعيش في هذه الدنيا؟». إن كثيرين لا يحبون منطق المدافعين عن البيئة. يسمونهم دعاة «البزنس الأخضر» و«عرافي الشؤم». رجال ونساء يتنبأون بجفاف الأنهار وتصحّر المزارع ويعلقون على صدورهم فزّاعة ثقب الأوزون. منذ نصف قرن والعباد يسمعون أخباراً عن ذلك الثقب. لكن الكرة الأرضية لم تحترق ولا انفجر غلافها الجوي.
يبدو أن الطبيعة تمهل ولا تهمل. وهي عندما تغضب وتزمجر فإن مزاجها «يتعكنن» بأشكال متعددة. فقد حدث خلال العام الماضي ما لم يخطر على بال. نبع فيروس شبه مجهول يقال له «كوفيد»، لفّ الكرة الأرضية وأجبر الملايين على الحجْر والتكمم. اندلعت حرائق في غابات الشرق والغرب وفاضت أنهار وهطلت أمطار مغرقة. رأينا يباساً حيث تحتاج الأرض ماء وفيضاناً حيث هي ريّا لا تمتص قطرة. تصاعدت أسهم أحزاب الخضر وزاد أتباعها بالملايين. وفي فرنسا، مثلاً، يكتشف الناخبون أسماء مرشحين شبه مجهولين يستعدون لخوض الانتخابات وحظوظهم في الفوز كبيرة. وحتى العتاة من أقطاب الحزب الاشتراكي باتوا يتخوفون من هذا الاجتياح. وما دام «كوفيد» يتفرع ويتحور فإن المستقبل للمبشرين بحياة نظيفة وعيشة صحية.
مضى وانقضى زمن ناظم الغزالي والأغاني القومية الرومانسية. إن شعار المرحلة: «عايز عروسة بيئية». والحبيبة المطلوبة هي آكلة الحشائش. تلك التي لا ترتدي معطفاً من الفراء الطبيعي ولا تتحلى بقلادة من عاج الفيل ولا تحمل حقيبة من جلد التمساح. أما العريس اللقطة فليس صاحب سيارة الدفع الرباعي بل راكب الدراجة الهوائية، والأهم ألا يتعطر بمسك الغزال. يقولون لها إن استخراج المسك من غدّة ذكر الحيوان لا يحتاج لقتله. فتجيب منتحبة من التأثر: «ولو... إن العملية تستوجب بطح الغزال المسكين على جنبه وتعاون ثلاثة رجال أشداء على تقييده ثم إدخال مغرفة في سرّته... لا... لا مستحيل أن أقبل عريساً يقبل بهذه الهمجية».

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عروس بيئية عروس بيئية



GMT 13:49 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

محمد سعد يعود للسينما بعد غياب 5 سنوات
 العرب اليوم - محمد سعد يعود للسينما بعد غياب 5 سنوات

GMT 13:20 2024 الخميس ,20 حزيران / يونيو

التأخر في النوم يهدّد الأطفال بمرض الضغط

GMT 04:36 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

انسحاب الزمالك من لقاء القمة أمام الأهلي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab