رقبتان وطعنتان

رقبتان وطعنتان

رقبتان وطعنتان

 العرب اليوم -

رقبتان وطعنتان

بقلم - إنعام كجه جي

نقلت وسائل الإعلام الغربية خبر الاعتداء الذي تعرض له سلمان رشدي، الروائي البريطاني/ الأميركي من أصل هندي، واستفاضت في استعادة وقائع الفتوى التي أصدرها في حقه آية الله الخميني. ولم نقرأ في الساعات الأولى التي تلت حادث الطعن الذي وقع في نيويورك، أول من أمس، أي إشارة إلى الطعنة التي تعرض لها الروائي المصري نجيب محفوظ، رغم أن سكين المعتدي استهدفت العنق في الحالتين. ولا بد، بداية، من القول إن الأفكار لا تجابه بالسكاكين.
من المصادفات أن أستاذاً مصرياً للأدب العربي في جامعة «إكستر»، متخصصاً في أدب نجيب محفوظ، هو الدكتور رشيد العناني، كان قد نشر في «فيسبوك» قبل ثلاثة أيام مقالاً كتبه عقيب نشر رواية «آيات شيطانية» وفوز محفوظ بجائزة «نوبل» في العام نفسه. كتب المقال ولم ينشره في حينه. وهو يستحق أن يطلع عليه قراء أوسع من دائرة أصدقاء عناني الافتراضيين. هنا لبّ المنشور:
«دخلت رواية سلمان رشدي التاريخ من عدة أبواب، على نحو ما كان بحسبان كاتبها، وإلا ما كان كتبها، وإن كتبها ما كان نشرها، أو أنه كان يوصي بأن تنشر بعد مماته. دخلت الرواية التاريخ باعتبارها العمل الأدبي الذي أثار حفيظة مسلمي العالم بما لم يسبق له مثيل، جاعلاً بسطاء المؤمنين منهم في عديد من البلاد يخرجون في تظاهرات عنيفة ويتعرضون لرصاصات قاتلة من أجل كتاب نُشر على بُعد آلاف الأميال منهم، في لغة لا يفهمونها ولا يقرؤونها. ودخل التاريخ أيضاً باعتباره أول كتاب يتحول إلى أزمة سياسية تحتل أخبارها العناوين الرئيسية. وثمة باب آخر من أبواب التاريخ ولجت فيه الرواية، ألا وهو أنها أول كتاب يتحدث عنه الجميع من فقراء الهنود والباكستانيين في شوارع بومباي وكراتشي إلى الوزراء ورؤساء الدول في حواضر الغرب دون أن يقرأه أحد. والقليلون الذين قرأوه لم يفهموه بسبب جيشان العاطفة الدينية التي تطغى على فرص التأمل الهادئ الموضوعي. وأخيرا فإن الحفنة التي قرأته وفهمته فهما عقلانياً متحرراً من الجيشان العاطفي لا تجسر على التعبير عن ذلك الفهم فدون ذلك مخاطر ومهالك ليست مما يُستهان به. كما أن المناخ السائد الآن لا يسمح إلا بأن يكون الكلام العلني عن الكتاب في باب الإدانة الشاملة. كأنها رواية كُتبت خارج الزمن من أجل جيل لم يُولد بعد.
ما كان أجدر بسلمان رشدي أن يتعلم شيئا من حكمة نجيب محفوظ. فقد كتب الروائي العظيم روايته الشهيرة «أولاد حارتنا» سنة 1959، أي قبل 30 عاما من رواية رشدي. وحتى اليوم يبقى كتابه الوحيد الممنوع من النشر في بلده. ومحفوظ مؤسسة كاملة وليس مجرداً من قوة الضغط التي تتيح له نشر الكتاب، لكن الرجل يبقى على حكمته التي تعنو لها الجباه، ويعلن أنه لن ينشر الكتاب طالما أن الأزهر يعترض عليه. هذه حكمة تنطوي على قراءة صحيحة للواقع والمناخ الفكري السائد وتطرح تساؤلاً في غاية الأهمية: هل من الصواب صدم أحاسيس الناس بأفكار هم غير مستعدين لها تاريخياً وفكرياً واجتماعياً؟ ألا يعطي هذا الصدم ذخيرة مجانية للقوى الآسرة لحركة التاريخ، تتيح لها سحب المجتمع أجيالاً كاملة للوراء من حيث كان يُؤمل الزحف إلى الأمام؟ هذا سؤال حيوي ينبغي أن يطرحه كل كاتب مسؤول على نفسه قبل أن ينغمس في متعة الخلق ومجد النشر. هو سؤال أجاب عليه نجيب محفوظ وسلمان رشدي بطريقتين جد مختلفتين».

arabstoday

GMT 03:29 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

اعترافات ومراجعات (59) من أحمد حسنين إلى أسامة الباز

GMT 03:27 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

مشروع إنقاذ «بايدن»!

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

ما تحمله الجائزة

GMT 03:20 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

من هو (موسيقار الأجيال الحقيقي)؟!

GMT 03:15 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

هل من نجاة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رقبتان وطعنتان رقبتان وطعنتان



 العرب اليوم - ارتفاع عدد شهداء الصحفيين في غزة لـ152 منذ 7 أكتوبر

GMT 12:12 2024 الخميس ,20 حزيران / يونيو

أفضل الأماكن المرشحة لتعليق ساعة الحائط
 العرب اليوم - أفضل الأماكن المرشحة لتعليق ساعة الحائط

GMT 13:20 2024 الخميس ,20 حزيران / يونيو

التأخر في النوم يهدّد الأطفال بمرض الضغط
 العرب اليوم - التأخر في النوم يهدّد الأطفال بمرض الضغط

GMT 18:56 2024 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

محمد رمضان يُعلن غيابه رسميًا عن موسم رمضان 2025
 العرب اليوم - محمد رمضان يُعلن غيابه رسميًا عن موسم رمضان 2025

GMT 13:20 2024 الخميس ,20 حزيران / يونيو

التأخر في النوم يهدّد الأطفال بمرض الضغط

GMT 21:09 2024 الخميس ,20 حزيران / يونيو

قصف إسرائيلي على منزل في غزة يوقع 8 قتلى

GMT 20:53 2024 الخميس ,20 حزيران / يونيو

وفاة الممثل دونالد ساذرلاند عن عمر ناهز 88 عامًا

GMT 03:01 2024 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

إعصار تاريخي مفاجئ يضرب موسكو ويخلف قتيلين

GMT 00:01 2024 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

فرنسا: نحو عام من الضباب؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab