كوكب في كوبنهاغن

كوكب في كوبنهاغن

كوكب في كوبنهاغن

 العرب اليوم -

كوكب في كوبنهاغن

بقلم - إنعام كجه جي

مع رحيل كوكب حمزة، قبل أيام، يعاد طرح السؤال: «أين تُدفن الطيور العراقية المهاجرة؟». مات المُلحّن المبدع في مهجره الأوروبي، بالأحرى منفاه، واستهجن محبوه أن يرقد في تربة كوبنهاغن الغريبة، هو الذي كانت عيناه تدمع حين يذكر العراق. ثم قرأنا أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أصدر توجيهاً بنقل الجثمان.

هناك دول عربية، ليس من بينها العراق، تتكفّل بمصاريف إعادة جثامين مهاجريها لدفنهم في الوطن الأم. لا فرق بين شخصية سياسية أو مثقف معروف أو فنان شهير وبين عامل خدمات. هل يكون هذا الحلّ مهدئاً لخواطرهم في أخريات أعمارهم؟

يختلف الشاعر إبراهيم البهرزي مع الدعوات الصادرة، بحسن نيّة، من بعض أصدقاء كوكب حمزة لدفنه في الوطن. نشر في «فيسبوك» أن تراب البلد الذي رعاه؛ أي الدنمارك، أولى بجثمانه من تراب البلد الذي شرّده في صباه. كتب: «لا تتعبوا جسداً مستريحاً. يكفي أن روحه الحزينة تحوم حولنا دائماً بأنغامه وأنينه. ليرقد جسده هناك في البلد الذي رعاه وأواه، قريباً من أهله ورفاقه المقتلعين من جذورهم والذين ستتوارث أجيالهم البقاء هناك. أمة للشتات صرنا. وهذا ليس عارنا، بل هو العار الأبدي لكل من حكم ويحكم هذه البلاد اللعنة».

حال ظهور المنشور انهالت التعليقات التي تؤيده. كتب المعلقون أن مقابرنا موحشة ومهملة ومقفرة. وهناك من عبث بقبور علي الوردي ومظفر النوّاب وعريان السيد خلف. إنهم يلاحقون من لا يشبههم، حياً أو ميتاً. أما بادرة رئيس الوزراء فهي واجب لا يبرّر تقصيراً. يمرض كبار مبدعي العراق في المهاجر البعيدة وترعاهم الدول الأجنبية. تقدّم لهم العلاج وتحفظ كراماتهم من دون منّة. يشتاقون للوطن وقد يزورونه زيارات قصيرة لكنهم لا يلقون ما يشجعهم على العودة النهائية.

هل أوصى صاحب لحن «يا طيور الطايرة» بأن يُدفن في بابل حيث وُلد؟ لا جواب. يؤكد أحد أصدقائه أنه تمنى الرقاد حيث هو في البلد الغريب. واحة تظللها الأشجار وتزيّنها الأزهار. تحتضن مقبرة كوبنهاغن رفات عشرات العراقيين، بينهم عدد من معارف الفنان الذين رحلوا قبله. يزورها الأصدقاء وينثرون الورد ويستذكرون مزايا من سبق. ولعل كوكب يكون قد استراح هناك، مع الطيور المهاجرة، عند نشر هذا المقال.

رحيله يعود بي إلى يوم بعيد في بغداد، واجهت فيه استجواباً من نوع غريب. كانت وزارة الإعلام قد نظمت، أواسط السبعينات، مهرجاناً للأغنية السياسية. وقد غطيتُ المهرجان لجريدة «الثورة» وكتبت عن الأغنية التي فازت بالجائزة الأولى. كانت من كلمات الشاعر كاظم الركابي وتلحين كوكب حمزة. ونشرت في تقريري مقطعاً من كلمات الأغنية: «حبيبين... كانوا بقلبي حبيبين. واحد بهلْ عين أضمّه وواحد بهلْ عين... وكانت الغيرة توجّ ما بين الاثنين... سألت قلبي لقيتْ قلبي يودّي دم على اليسار وما يودّي على اليمين».

نُشر التقرير وجاء هاتف من جهة عليا يقول إن المقصود بالحبيبين حزب البعث والحزب الشيوعي. والأغنية تنتصر للثاني على حساب الأول. كيف وقعتم في الفخ وسمحتم بنشر تلك الكلمات؟

كان يمكن لذلك الهاتف أن ينهيني كصحافية. لكنني أذكر الموقف الشجاع لمدير التحرير آنذاك، ناجي الحديثي. فهو دافع عن نشر المقال بأن البعثيين يعدّون حزبهم هو اليسار الحقيقي، وبالتالي فإن الأغنية تنتصر له!

لم يجرؤ أحد على الاعتراض على وجهة نظر السياسي الذي سيصبح وزيراً للخارجية في أصعب مرحلة مرّ بها العراق. وانتهت المشكلة.

arabstoday

GMT 14:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 02:46 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

نيران صديقة فى مهرجان (كان)!!

GMT 02:43 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

بين احتجاجين

GMT 02:37 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

فى رحاب السيدة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كوكب في كوبنهاغن كوكب في كوبنهاغن



أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:34 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

وفاة مطرب سوري وضاح إسماعيل بعد صراع مع مرض

GMT 03:05 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

هزة أرضية تضرب ولاية البويرة في الجزائر

GMT 09:11 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

وفاة أحمد نوير مراسل قنوات بين سبورت

GMT 01:19 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

هوامش قمة البحرين: كثر الكلام وقل الخبز
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab