سيريل حنونة

سيريل حنونة

سيريل حنونة

 العرب اليوم -

سيريل حنونة

بقلم - إنعام كجه جي

هل جرَّبت أن تجبرَ نفسَك على تناول طبقٍ لا تحبُّه؟ هكذا هي حالي مع البرنامج التلفزيوني الذي يقدّمه كلَّ مساء سيريل حنونة من القناة الفرنسية الثامنة. وأظنُّ أنّني أحتاج طبيباً نفسياً يحلّل سببَ مداومتي على مشاهدة خلطةٍ بائسة تستمر لأكثرَ من ساعتين، فيها كلُّ ما يخطر على البال وما لا يخطر من إسفافٍ وتفاهات ونكاتٍ هابطة، وحركاتٍ مفتعلةٍ وقهقهات بلا سبب، اللهم قلة الأدب.

خلال سنوات قلائل تمكن حنونة، وهو فرنسي من يهود تونس، أن يصبح النجم التلفزيوني الأكثر متابعة بين كل القنوات. دجاجة تبيض ذهباً لصاحب القناة. يدفع التجار 15 ألف يورو، مقابل إعلان مدته 30 ثانية عند بدايات البرنامج. ثم يرتفع الرقم إلى 33 ألف يورو عندما يشتد الوطيس ويشتبك حنونة مع ضيوفه.

ما هي مواهب هذا الرجل الذي لم يبلغ الخمسين بعد؟ هات ورقة وقلماً واكتب: جهل. سماجة. ثقل دم. لسان زفر. ثياب مهرجين. صوت منفر وتحركات لا يربط بينها رابط سوى غرور صاحبها واعتقاده بأنه فريد زمانه. وهو بالفعل سليل هذا الزمان الرديء. والدليل أنه يجمع كل مساء ملايين المتابعين لبرنامجه. ولم يحدث في تاريخ التلفزيون الفرنسي أن توقّف مصير قناة خاصة على شخص واحد. إذا خرج تنهار القناة وقد تشهر إفلاسها.

تكمن قوة سيريل حنونة في أنه مدعوم دعماً كاملاً من مالك القناة، رجل الأعمال فنسان بولوريه. ملياردير له علاقات وطيدة في هرم السلطة. وبهذا فإن حنونة مطلق اليدين في كل ما يقدمّه. يستضيف أنواعاً وأشكالاً من الضيوف. ثمة وزراء ونواب وفنانون ومحامون ومدمنون وفتيات متعة. وهناك من رؤساء الأحزاب من لا يطيق حنونة، لكنَّه يحضر إلى برنامجه لكي يتمكَّنَ من إيصال صوته إلى أكبر شريحة من الفرنسيين. إنَّه قادر على إحراج الضيف والسخرية من أكبر رأس. يستضيف أسبوعياً السياسية الاشتراكية سيغولين رويال (نالت 17 مليون صوت في انتخابات الرئاسة ضد ساركوزي) لكي تتحدَّث عن الاحتباس الحراري وتلوث البيئة. يقف وراءها ويقوم بحركات بهلوانية يقلّدها فيها.

نظرت المحاكم في العشرات من قضايا السَّب والقذف التي أقيمت ضد حنونة. وصدرت أحكام بتغريمه الملايين. وفي كل مرة كان صاحب القناة يسدد الغرامة ولا يتخلَّى عن بيضته الذهبية.

هل صحيح أنَّ جمهور حنونة هو الفرنسي البسيط الموجود في قاع المدينة، الكافر بألاعيب السياسيين؟ هذا ما يروّج له، رغم أنَّه باتَ ثرياً وصاحبَ شركة إنتاج تقدّر ثروته بأكثر من 85 مليون يورو. ولعلَّ سلطة المال هي التي تجعله يقف في صدارة الاستوديو وقفة ديك هراتيّ، يحيط به من اليمين واليسار مساعدون مطيعون من المعلقين. بينهم صحافيون وفنانون وسائق شاحنة وفتاة محجَّبة وعارض أزياء مثليّ. ويحرص أحياناً على استضافة ذوي الاحتياجات الخاصة. وهناك على باب الاستوديو جمهور ينتظر أن ينالَ شرف حضور البرنامج والجلوس في المدرجات. وظيفة الجمهور التصفيق والضحك على الطرائف البائسة.

مساء الخميس الماضي عرضت القناة الفرنسية الثانية، التابعة للدولة، تحقيقاً لفضح ظاهرة حنونة وأسرار نفوذه. استغرق إعداد التحقيق عدة أشهر وتكلّف مبلغاً باهظاً. لم يحدث في تاريخ القناة الرسمية أن تحصل على نسبة مشاهدة زادت على ثلاثة ملايين متفرج. وفي المساء التالي خرج حنونة وبيده ملاحظات لتفنيد كل ما جاء في التحقيق.

لماذا أتفرج عليه؟ يقول عبد الوهاب: «علشان الشوك اللي في الورد بأحب الورد». ولا بدَّ من احتمال حنونة لمعرفة أسرار البلد، التافه منها والخطير.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيريل حنونة سيريل حنونة



ميريام فارس بإطلالات شاطئية عصرية وأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:07 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

غارة إسرائيلية على أطراف بلدة مركبا فى لبنان

GMT 16:01 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

ارتفاع التضخم في أمريكا خلال يونيو الماضي

GMT 13:19 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

محمد ممدوح يكشف عن مهنته قبل التمثيل

GMT 13:16 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

عمرو سعد يكشف تفاصيل عودته الى السينما
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab