حذارِ قراءة تقارير وكالات التصنيف سياسيّاً

حذارِ قراءة تقارير وكالات التصنيف سياسيّاً!

حذارِ قراءة تقارير وكالات التصنيف سياسيّاً!

 العرب اليوم -

حذارِ قراءة تقارير وكالات التصنيف سياسيّاً

جورج شاهين

أسرفَ بعض اللبنانيين في تسخيف مهمّات الموفدين وبعثات مؤسسات التصنيف الدولية، واعتبار توصياتها من إملاءات المحاور الدولية من دون النظر الى مضمونها والمخاطر التي تشير اليها. وفي المقابل، لم يعد سراً أنّ بعض هؤلاء الموفدين يتلمّس قدرة اللبنانيين على قراءة الأرقام بطريقة تتناسب ورغباتهم. لذلك، حذّروا من الاستمرار في هذا النهج. فلماذا وكيف؟

قبل أن يغادر موفد فرنسي يَحضُر موفد أميركي، وما بينهما موفد بريطاني، عدا عن بعثات البنك الدولي وصندوق النقد والمؤسسات الشبيهة المتمركزة في لبنان الى جانب ممثلي المؤسسات المكلفة بالتصنيف الدولي للحكومات والمؤسسات العابرة للقارات، وهو ما جعل اللبنانيين على تَماس مع سلسلة التوصيات ومسلسل النصائح التي صيغت بتقارير من عشرات الصفحات، بما فيها من مؤشرات ومعادلات وتوقعات.

كان ذلك، ولفترة سابقة، حبراً على ورق تَوسّع خلالها الخبراء في قراءتها بأشكال مختلفة، قبل أن يعيش اللبنانيون أخيراً نماذج من التجارب وما رافقها من بَلبلة سبقت وضع مصرف لبنان حدّاً لها بسلسلة إجراءات مالية ونقدية، ضمنها تعميمه الأخير لضمان توفير السلع الأساسية للمواطنين بالسعر الرسمي للدولار، طالما أنه ليس قادراً على تحرير سعر صرف الدولار في الوقت الراهن.

على هذه القواعد بَنت مراجع اقتصادية ومالية أجنبية قراءتها للتطورات الإقتصادية، فتحدثت عن مكامن الخلل السياسية التي تعوق التوصّل الى قرارات جريئة، ودعت الى قراءة مضمون الكلمة التي ألقاها السفير البريطاني كريس رامبلنغ في حفل تكريم المبعوث التجاري البريطاني الى لبنان اللورد ريتشارد ريسبي الذي أنهى زيارته، أمس الأول، فقال: «إنّ الإصلاح الاقتصادي سيكون مؤلماً، ولكنه من الملحّ لكي يستعيد لبنان الثقة».

لم يكن كلام السفير البريطاني نصيحة يتيمة، إذ لفتت المراجع الى التقارير التي رفعتها بعثات أكثر من مؤسسة دولية تتحدث فيها صراحة عن هزالة الإجراءات المُتّخذة قياساً بما هو مطلوب من لبنان في أكثر من قطاع. وتحدثت عن مهل دولية صارمة، فأعادت التذكير بمضمون تقرير مؤسسة «موديز» للتصنيف الدولي التي أبقَت لبنان على التصنيف الذي وضعته في آب الماضي بعدما أسقطته من درجة «B -» الى درجة «Caa1»، ووضعت لبنان مجدداً تحت المراقبة لـ90 يوماً، لتقرر «خَفضها» في حال عدم تبلور مسار الأمور النقدية والمالية في اتجاه إيجابي».

وللتَشدّد بمهمتها، ربطت تقييمها الجديد بحجم التزام لبنان الإصلاحات الموعودة في موازنة 2020. والى هذه المهلة تُضاف مهلة «ستاندرد آند بورز» التي أعطت لبنان، بدءاً من تقريرها في منتصف آب الماضي، 6 أشهر أخرى لتحدّد تصنيفها الجديد له بعدما أبقَته بدرجة «CCC» من دون تعديلها.

والى هذه التحذيرات الواضحة، يدرك الخبراء الدوليون أنّ العوائق التي حالت دون التزام اللبنانيين تعهداتهم الى هذه اللحظة مردّها سياسي، ولو كان القرار في يد المعنيين بملفات النقد والمال لكانَ الأمر سهلاً، ولكن اذا بقيت السيطرة السياسية على القرارات والمعايير النقدية والحسابية فلن يكون الأمر مُتاحاً. فلم يُغفِلوا حجم الضغوط السياسية والمناكفات اليومية، التي تمنع اتخاذ أبسط القرارات المتصلة بوقف الهدر وسَد مزاريب التهرّب الضريبي ومحاولات الإحتيال على العقوبات الأميركية.

فلم يفهم أحد الخبراء المعادلة التي قدّمها له أحد كبار المسؤولين عند مقاربته للوضع النقدي والمالي، فقد ناقضَ نفسه بنفسه عندما تحدث عن سلسلة القوانين التي أقرّت في مجلس النواب قبل عامين وأكثر، لتعزيز الشفافية ومكافحة تبييض الأموال والتزام المعايير الدولية وما يرتكب يومياً في بعض المؤسسات والقطاعات ممّا ينافي هذه القرارات. لكنه عندما تبلّغ من مسؤولين آخرين أنها قوانين وقرارات ما زالت حتى اليوم حبراً على ورق، زادت قناعته باستحالة الوصول الى مرحلة الإصلاح المنشود.

عند هذه المعطيات، أنهى أحد الموفدين الدوليين مهمته في بيروت بانطباعات سلبية، ووفق قناعة لا تَتبدّل ما لم يسمع بالمزيد من القرارات الصعبة، ولكن ليس من باب فرض المزيد من الضرائب بقدر ما هو مطلوب البحث عن موارد غير مباشرة على الحكومة أن تسعى إليها. فهو مُتخوّف من حجم التهديدات المتبادلة على اكثر من مستوى حكومي ومالي ونقدي، تؤدي بشكل تلقائي الى تخفيض المناعة التي عَبر لبنان بفَضلها الأزمات الدولية السابقة، ولاسيما أزمة عام 2008، معتبراً أنّ العودة الى تلك المعادلات سيعيد الثقة بلبنان تدريجاً.

والى التمنيات، عَبّر الموفد الدولي عن القلق من المتغيّرات الدولية التي وضعت لبنان في موقع مختلف عمّا كان عليه عام 2008. فبعض التصرفات أبعَدت رؤوس الأموال المملوكة من دول ومؤسسات وأشخاص، ليس لأسباب مالية بَحتة، فلبنان ما زال على لائحة الدول التي تعتبر من «الجنائِن الضريبية» التي يرتاح لها رأس المال وخصوصاً نسَب الفوائد على الحسابات المصرفية، بل لفقدان الحَوكمة الرشيدة في إدارة المال العام، وعدم تسهيل الإستثمارات التي تكَبّر حجم الاقتصاد لمواجهة البطالة المتمادية، في موازاة ما بلغته المناكفات السياسية التي يمكن أن تطيح كل ما هو متوقّع من إصلاحات.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حذارِ قراءة تقارير وكالات التصنيف سياسيّاً حذارِ قراءة تقارير وكالات التصنيف سياسيّاً



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab