حصاد الحقل الذي جاء على غير حساب البَيْدر

حصاد الحقل الذي جاء على غير حساب البَيْدر

حصاد الحقل الذي جاء على غير حساب البَيْدر

 العرب اليوم -

حصاد الحقل الذي جاء على غير حساب البَيْدر

بقلم: سليمان جودة

كنا في أكتوبر (تشرين الأول) من كل سنة نجد أنفسنا على موعد مع الاحتفال بذكرى السادس منه، فهي ذكرى بقيت، وأظن أنها ستبقى، مما يبعث الأمل في نفوس العرب.

وإذا كنت قد قلت إننا كنا نفعل كذا، فلأننا ابتداءً من هذه السنة سنجد أنفسنا على موعد مع يومين في الشهر نفسه، أحدهما السادس من الشهر، وثانيهما السابع منه، ففيه من السنة الماضية أطلقت كتائب عز الدين القسام «طوفان الأقصى»، الذي لا تزال تداعياته تفيض على المنطقة وربما على العالم من وراء المنطقة في كل اتجاه.

ما بين السادس من هذا الشهر في سنة 1973، والسابع منه في السنة المنقضية، فارق باتساع المسافة بين السماء والأرض. ولماذا لا يكون الفارق هكذا، بينما نرى بأعيننا ماذا أصاب الأشقاء الغزاويين في فلسطين، وماذا يصيب الإخوة في لبنان؟

الفارق بين اليومين هو الفارق بين عمل مدروس أدى إلى تلقين الإسرائيليين درساً غير مسبوق، وبين عمل آخر غير مدروس أدى إلى ما أدى إليه على مدى السنة الكاملة، ما دامت حكومة نتنياهو في تل أبيب قائمة في مقاعدها، وما دامت واشنطن غارقة في أجواء حملتها الانتخابية.

لقد وقف نتنياهو يخطب أمام الأمم المتحدة يوم 27 سبتمبر (أيلول) المنقضي، فقال إن بلاده تحارب على ست جبهات، ثم راح يعدِّد الجبهات التي يقصدها واحدة من وراء الأخرى. لقد بدأ من جبهة قطاع غزة، ثم مضى بعدها يذكر جبهة جنوب لبنان، ومن بعدهما جبهة جماعة الحوثي في اليمن، وجبهة الضفة الغربية، والجبهة السورية حيث توجد فصائل موالية لإيران، وأخيراً جبهة العراق حيث توجد فصائل مماثلة. أما هذه الفصائل الأخيرة التي تسمي نفسها فصائل المقاومة الإسلامية، فكانت قد قالت إنها سوف تستهدف إسرائيل بالهجوم، وإنها تُعد العُدة لذلك، وإنها ستهاجم الإسرائيليين انتصاراً للفلسطينيين الذين عاشوا ويعيشون الموت في القطاع طوال السنة التي انقضت على إطلاق الطوفان، وقد استهدفت بالفعل أربعة مواقع إسرائيلية.

فهل كان نتنياهو يُحصي هذه الجبهات على أساس أنه سيعمل على واحدة جديدة منها كلما فرغ من التي تسبقها؟ هذا سؤال له وجاهته، لأنه لا أحد في مقدوره التكهن بالطريقة التي يفكر بها رجل منفلت مثله من كل عقال.

إطلاق السادس من أكتوبر 1973 كان عن إدراك بحدود ما سوف يكون من بعده، وكان عن استعداد لتحقيق أهداف محددة من ورائه، وكان السادات الذي أطلقه يعرف أن الأمور بخواتيمها، ولذلك، فإن خاتمته كانت في التاسع من مارس (آذار) 1989، عندما جرى استرجاع طابا بوصفها آخر ما تبقى من أرض سيناء لدى المحتل.

إطلاق ذلك اليوم في تاريخه كان عن بينة بأنه مُفتتح، وأنه باب سوف يقود إلى أبواب تالية، وأنه خطوة أولى في مسيرة دامت 16 سنة من 1973 إلى 1989. فلما جاء يوم استرداد طابا كان هو الخاتمة لليوم الذي أطلق المسيرة.

أما السابع من أكتوبر فتشعر حين تسترجعه بأنه جاء كأنه طلقة في الهواء، وهي طلقة أحدثت من الصخب في المنطقة ما لم تُحدثه طلقة مماثلة، وأيقظت فتنة كانت نائمة في تل أبيب، ولم تحرر أرضاً ولا طردت محتلاً. هذا ما نراه بحساب الواقع أمامنا، وهذا ما نعاينه كلما حانت منَّا التفاتة في أي ركن من أركان منطقتنا التعيسة بوجود هذا المحتل فيها.

لا شك في حُسن نيات الذين أطلقوا «الطوفان» من الفلسطينيين، ولكنَّ حُسن النية لا يكفي وحده للوصول إلى ما يبغيه صاحب النية الحسنة، وإذا كان قد قيل إن الطريق إلى النار مفروش بالنيات الحسنة، فهذا قول يختصر المعنى ويوجزه على أفضل ما يكون الإيجاز.

إن النية رغبة في فعل، ولكنها ليست فعلاً في حد ذاته، وإذا لم تتوفر لها من الأسباب ما يكفل نجاح الفعل، فإنها تُفضي إلى ما أفضى إليه إطلاق الأقصى بغير تقدير لعواقبه، وبغير استعداد لمقتضيات كان لا بد أن تكون حاضرة عند إطلاقه، وإلا، فأمامنا الخريطة نستطيع أن نتطلع إليها لنرى من أين انطلق «الطوفان» قبل سنة بالتمام، ثم أين تفرعت وتوزعت عواقبه من غزة، إلى الضفة، إلى جنوب لبنان، إلى اليمن...

هنا يكمن الفارق بين اليومين في الشهر نفسه: يوم في 1973 بدأ نيةً لدى صاحبه، وحين اقترن بفعل فإنه قام على برنامج عمل جرى إعداده بعناية. ثم يوم آخر بدأ نيةً أيضاً لدى أصحابه في «كتائب القسام»، ولكنه عندما اقترن بفعل خانه التقدير ففاض حتى أغرق «الكتائب» نفسها ولا يزال يُغرقها بما لم تكن تتحسب له ولا تتوقعه، ولو أنها تحسبت أو توقعت لكانت قد أعادت الطرح والجمع في أوراقها، لعل حصاد الحقل يأتي على حساب البيدر، كما يقول إخواننا في أرض الشام.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حصاد الحقل الذي جاء على غير حساب البَيْدر حصاد الحقل الذي جاء على غير حساب البَيْدر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab