مشهد مما نتابعه على مسرح المنطقة أمامنا

مشهد مما نتابعه على مسرح المنطقة أمامنا

مشهد مما نتابعه على مسرح المنطقة أمامنا

 العرب اليوم -

مشهد مما نتابعه على مسرح المنطقة أمامنا

بقلم - سليمان جودة

يترامى الإقليم من حول غزة كأنه مسرح ممتد بغير حدود، ومن فوق المسرح تستطيع أن تلحظ حركة الأبطال في العرض، ومعهم أفراد الكومبارس على السواء، وتشتد الحركة وتضطرب كلما تتالت فصول العرض من فصل إلى فصل.

ولأن العرض الدامي قد طال حتى دخل شهره الرابع، فإن طول أيامه قد أغرى آخرين بأن ينضموا إليه، لا لأنه ينقصه الأبطال أو حتى الكومبارس، ولكن لأن هذا العرض الدامي هو أيضاً عرض ارتجالي، ومن شأن هذا أن يجعله مُتاحاً لكل طارئ وجديد.

ولأنه عرض ارتجالي، فلقد كانت الاغتيالات الثلاثة التي شهدها واردة، فكان أولها رُضي موسوي في سوريا، وكان ثانيها صالح العاروري في لبنان، ثم كان لبنان أيضاً على موعد مع صاحب الحالة الثالثة وسام الطويل، ولا تزال ارتجالية العرض الدامي ترشحه ليقدم للمتابعين كل ما لم يكن يجول بالخاطر عند البداية.

وفي زاوية من زوايا مسرح الإقليم، ستجد جماعة الحوثي تقتحم المسرح دون استئذان، وتختار لنفسها دوراً، ثم تذهب مباشرة إلى القيام به، من دون أن تبالي بما إذا كان ما تلعبه جزءاً طبيعياً مما هو حاصل، أم أنه دخيل عليه وخارج على السياق.

ولأنها في ركن بعيد، فإنها تحاول شد الأنظار إلى هناك، ولا تهتم وهي تفعل ذلك بما تُلحقه بمن حولها من أذى ومن أضرار، ولا فارق عندها بين أن تصيب الأضرار بلاداً في الإقليم، أو تضرب بلاداً أخرى بعيداً عن الإقليم.

والجماعة لا تزال تلعب دورها الذي اختارته لنفسها، أو بمعنى أدق جرى اختياره لها من كفيلها هناك في إيران، وكلما دعاها أحد إلى أن تتوقف عما تمارسه لأنه لا يخدم أهل غزة كما تُردد وتقول، ردت وقالت إنها لا تستهدف غير السفن الذاهبة إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر، أو التي لها رابطة بالدولة العبرية على أي نحو من الأنحاء.

وهي تعرف أن ما قامت وتقوم به لم يوقف الحرب على غزة ولن يوقفها، وأن هذه الحرب إذا كتب الله لها أن تقف في يوم من الأيام، فلن يكون ذلك لأن الحوثي يهاجم سفن الشحن العابرة من جنوب البحر في اتجاه الشمال. أما آخر ما تفتَّق عنه عقل الحوثي، فهو أن على السفن التي لا ترتبط بإسرائيل أن ترفع لافتة تقول بذلك، عند العبور من باب المندب في الجنوب، وأن كل سفينة تبادر بذلك ستتفادى ضرباته! وهذا في الحقيقة حل كوميدي أكثر من كونه حلاً عملياً لقضية تؤرق العالم الذي تتعطل تجارته، فتجد نفسها مضطرة إلى الدوران حول القارة السمراء، في طريق رأس الرجاء الصالح.

تجد شركات شحن نفسها مرغمة على ذلك، فلا تتردد في أن تسلك هذا السبيل، ويجد المستهلك حول العالم أنه سيدفع ثمن ذلك من جيبه المباشر؛ لأن تكلفة الدوران حول أفريقيا سوف تضاف على سعر كل سلعة، ولن يدفعها طرف من جيبه إلا المستهلك الذي لم يخرج من تكلفة «كورونا» إلا ليجد نفسه على موعد مع تكلفة الحرب على أوكرانيا، والذي لم يغادر الحرب على أوكرانيا -ولو مؤقتاً- إلا ليجد نفسه مدعواً إلى دفع تكلفة الحرب على غزة!

وإذا كانت شركات الشحن مرغمة على ما ليس منه مفر، فماذا يرغم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على أن تسلك مع جماعة الحوثي هذا السبيل الذي تسلكه، وهي تعرف أن هناك سبيلاً آخر هو العنوان الصحيح إلى هذه الجماعة؟

إن الولايات المتحدة تقود تحالفاً دولياً لردع الحوثي عن قطع طريق البحر، وهي تسمي تحالفها الذي يتشكل من نحو عشر دول «حارس الازدهار»، وتقول إنه تحالف دفاعي عن التجارة في البحر، وبما يعني أنها تبعث «رسالة» إلى الحوثي، بأن تحالفها ليس تحالفاً هجومياً، وأنه ليس في نيته أن يهاجم الجماعة على أرضها في اليمن السعيد.

ولكن لا إدراك الجماعة منذ البداية بأن ما تفعله لا يخدم غزة في شيء، قد جعلها ترجع عن قرصنتها في عرض البحر، ولا تشكيل التحالف الأميركي الدولي قد ردعها عما تمارسه تجاه السفن العابرة، ولا حتى معرفتها بأن إسرائيل لا يعنيها ما ترتكبه قد أعادها إلى البر في اليمن بعيداً عن البحر وعن الحركة التجارية فيه.

لم يحدث شيء من هذا لأنها ليست سيدة قرارها، ولأن قرارها هناك في مكتب المرشد في طهران، وهذا في الحقيقة ليس سراً يذاع، ولكنه يمثل حقيقة يعرفها الحوثي، وتعرفها طبعاً إيران، وتعرفها الولايات المتحدة لا شك، ولكنها تتصرف إزاء الجماعة وكأنها لا تعرف هذا، ولا تدري به، ولا تحيط به علماً.

العنوان الذي على واشنطن أن تقصده في موضوع الحوثي ليس في اليمن، والباب الذي عليها أن تطرقه ليس في صنعاء، ولذلك، فخطابها الموجه إلى الأطراف السياسية اليمنية هو خطاب إلى غير جهة، والدعوة التي أطلقتها إدارة بايدن إلى هذه الأطراف، بأن تقدم احتياجات الشعب اليمني على ما سواها، هي دعوة تبدد الوقت وتستهلكه، ولو شاءت لذهبت إلى العنوان الصحيح من خلال الخط المستقيم، باعتباره أقصر الطرق إلى الغايات.

يقال في مثل حالة الحوثي: «إن الذي حضَّر العفريت عليه أن يصرفه»، والولايات المتحدة تعرف اسم الطرف الإقليمي الذي أطلق جماعة الحوثي على البحر، والذي بمقدوره أن يصرفها.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشهد مما نتابعه على مسرح المنطقة أمامنا مشهد مما نتابعه على مسرح المنطقة أمامنا



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية
 العرب اليوم - التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab