حل «إسراطين» يعود على استحياء

حل «إسراطين» يعود على استحياء

حل «إسراطين» يعود على استحياء

 العرب اليوم -

حل «إسراطين» يعود على استحياء

بقلم - سليمان جودة

 

عاش العقيد معمر القذافي الراحل يؤمن بنظرية الدولة الواحدة حلاً للقضية في فلسطين، وهو لم يشأ أن يكون كلامه في الموضوع مُرسلاً، فأصدر كتاباً صغيراً يشرح فيه لماذا يجب أن تقوم دولة واحدة، وكيف يمكن أن تضم الفلسطينيين والإسرائيليين تحت مظلة دولة واحدة؟

وعندما أصدر كتابه جعل اسم الدولة المُقترح على غلافه، واختار لها اسم «إسراطين»، وهو اسم يأخذ النصف الأول من كلمة إسرائيل، والنصف الثاني من كلمة فلسطين، ويشكل من النصفين كلمة واحدة، ويراها تسمية مناسبة للدولة الجديدة.

وقد أضاف القذافي وقتها عنواناً آخر للكتاب، وكان العنوان من كلمتين، وكانت الكلمتان كالتالي: الكتاب الأبيض.

ولم يكن حديث القذافي يخلو في تفاصيله من منطق، لأنه كان يرى أن مساحة فلسطين أضيق من أن تضم دولتين اثنتين متجاورتين، وأننا حتى لو افترضنا أن دولتين قامتا على كامل المساحة، فلن تتوقفا عن القتال، وسوف تكون الحرب متواصلة بينهما، ولن تتوقف الحرب بينهما إلا لتبدأ من جديد. هكذا كان تقديره، وهكذا كان ظنه ورأيه.

وليس سراً أن المسافة بين أبعد نقطة في شمال أرض فلسطين، وبين أبعد نقطة في جنوبها هي في حدود 470 كيلومتراً، والمسافة بين أبعد نقطة في شرقها وبين أبعد نقطة في غربها، تظل تدور حول 135 كيلومتراً.

وكانت هناك مشكلة أخرى في تقدير العقيد، وكانت المشكلة كما رآها أن قيام دولتين سوف يواجه أزمة في القدرة على استقبال اللاجئين الفلسطينيين، الذين سيكون عليهم أن يعودوا من الخارج ليعيشوا في الدولة الفلسطينية الجديدة حال قيامها، وسوف تكون الأزمة ذاتها قائمة في حالة الدولة العبرية، إذا ما فكرت في استقبال يهود جُدد من الخارج.

هذا باختصار كان رأي العقيد القذافي، وهذا ما عاش يؤمن به ويروّج له في مرحلة من مراحل حياته، ولكن الآراء انقسمت بالطبع حول الفكرة، ولم تجد مَنْ يؤيدها بقوة ويتبناها على الجانبين، فبقيت مسجلةً في الكتاب الذي يحمل اسم صاحبها على غلافه، وبقي الكتاب حيث هو على الأرفف بصفحاته القليلة.

وعندما وقع هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الذي قامت به حركة «حماس» على المستوطنات الإسرائيلية، اشتعلت الأوضاع بين الدولة العبرية وبين قطاع غزة ولا تزال، ومع اشتعالها تجدد الحديث عن الأفق السياسي المغلق أمام الفلسطينيين، الذي كان دافعاً من بين دوافع أخرى وقفت وراء الهجوم الذي هز إسرائيل.

وتجدد الكلام عن الحلول السياسية الغائبة للقضية، وعن ضرورة أن تحضر بسرعة، لأن في غيابها سوف يظل الصراع قائماً بين الطرفين، وسوف يظل العنف يعود كلما توقف، وسوف يظل الدم يسيل في كل مكان.

وبادر عبد الإله بن كيران، أمين عام حزب «العدالة والتنمية» في المغرب، فقال، بعد مرور أسبوع على الهجوم والحرب التي جاءت من بعده، إنه لا حل في نظره إلا حل الدولة الواحدة التي تضم المسلمين مع اليهود مع المسيحيين على مساحة فلسطين كلها، وأضاف أن قيامها مشروط بتوقف الظلم بحق كل فلسطيني، وأن الحرب المستعرة في قطاع غزة، يمكن أن تكون طريقاً بعد توقفها إلى مثل هذه الدولة، التي لا تزال مجرد فكرة تتردد من وقت إلى وقت.

والفكرة تأتي هذه المرة من سياسي مغربي كان على رأس الحكومة في الرباط لخمس سنوات، وكان حزبه في الحكم لعشر سنوات، وهو حزب معروف عنه التعاطف الكبير مع كل ما هو فلسطيني، لأنه حزب يصف نفسه دائماً بأنه صاحب مرجعية إسلامية، ويقول باستمرار إن الذين يصنفونه حزباً إخوانياً مخطئون، لأنه لا علاقة له بالإخوان ولا علاقة لهم به على أي مستوى.

وفي المقابل يظل هناك حل الدولتين، الذي يتمسك به أهل فلسطين على الدوام، والذي لا يزال هو الأساس في كل مرة يجري فيها الحديث عن حل للقضية. وعندما صدر بيان عربي مشترك بين تسع دول عربية يوم 26 من الشهر الماضي، كان هذا الحل هو الحل المعتمَد في البند الحادي عشر والأخير من البيان.

ولا تزال يد العرب ممدودة بحل الدولتين، من خلال مبادرة السلام العربية التي كان الملك عبد الله بن عبد العزيز، يرحمه الله، قد تقدم بها وقت كان ولياً للعهد إلى القمة العربية المنعقدة في بيروت عام 2002.

وإذا كان بن كيران يصف حل الدولة الواحدة بأنه حل عملي واقعي، فالسؤال يظل عمّا إذا كان حل «إسراطين» أكثر واقعية من حل الدولتين ؟ وسؤال آخر: إذا كان حل الدولتين مطروحاً منذ احتلال الضفة الغربية وغزة في الخامس من يونيو (حزيران) 1967، فهل نال تقادم العهد به من واقعيته، ومن مدى عمليته كحل على الأرض؟

وهنا سوف نجد أنفسنا وجهاً لوجه مع المثل الصيني الشهير عن القطة المطلوب منها اصطياد الفئران، فلقد قطع الصينيون الجدل الذي دار حول لونها، وقالوا إن اللون ليس هو الموضوع، وإنما الموضوع هو قدرتها على اصطياد كل فأر تصادفه في طريقها.

وبالقياس على ما يقول به المثل الصيني، فليس مهماً اسم الدولة التي لا بد أن تقوم، ولكن المهم هو قدرتها على تقديم حل عادل لأبناء القضية، لأن في غياب الحل العادل، سواء كان حلاً بالدولة الواحدة أو بالدولتين، سيظل العنف هو عنوان هذه المنطقة من العالم.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حل «إسراطين» يعود على استحياء حل «إسراطين» يعود على استحياء



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab