ضوء أخضر يُشعل «لمبات» الكرملين الحمر

ضوء أخضر يُشعل «لمبات» الكرملين الحمر

ضوء أخضر يُشعل «لمبات» الكرملين الحمر

 العرب اليوم -

ضوء أخضر يُشعل «لمبات» الكرملين الحمر

بقلم - سليمان جودة

في توقيت واحد تقريباً طرح الرئيس الأميركي جو بايدن مبادرته لوقف الحرب في قطاع غزة، وأعطى الضوء الأخضر للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بما يُتيح له استخدام السلاح الأميركي في ضرب أهداف داخل روسيا.

ولا بد أن التزامن الواضح بين الخطوتين كان لافتاً لمن يتابع أحوال هذا العالم المضطرب، وقد بدت الخطوتان وكأن القصد من ورائهما تبريد جبهة في العالم هنا في المنطقة، وتسخين جبهة أخرى بالتوازي هناك.

فالحرب الروسية - الأوكرانية دخلت عامها الثالث، ولم يحدث على مدى هذه الشهور الطويلة من عمرها أن اتخذت إدارة الرئيس بايدن هذه الخطوة فيها، بل إنها كانت حريصة طوال الوقت ليس فقط على عدم إعطاء هذا الضوء الأخضر للأوكرانيين، وإنما كانت تعلن ذلك في كل مناسبة وتؤكده.

قد يقول قائل إن منح الضوء الأخضر للرئيس الأوكراني مرتبط بالتقدم الذي أحرزه الروس على الجبهة ضد القوات الأوكرانية، وهذا صحيح تماماً، غير أن الأصح منه أنها ليست المرة الأولى التي يحرز فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مثل هذا التقدم، فلقد حققه من قبل مرات، وفيها كلها لم يكن الرد الأميركي على هذا المستوى التصعيدي الأخير.

والأغرب أن واشنطن ليست وحدها التي أعطت الضوء الأخضر للأوكرانيين، وإنما تبعتها دول أوروبية وسارت من ورائها، وقد وصل عددها إلى 12 دولة حتى لحظة كتابة هذه السطور، وأعلنت هولندا أن أوكرانيا تستطيع استخدام الطائرات الهولندية «إف 16» في ضرب أهداف داخل الأراضي الروسية نفسها.

ولعلنا نذكر أن الحرب على غزة كانت قد سرقت الكاميرا من الحرب الروسية - الأوكرانية، وكانت الأضواء في اللحظة التي جرى فيها إطلاق «طوفان الأقصى»، قد تحولت على الفور من الحدود الروسية - الأوكرانية إلى الحرب في القطاع، وقد بقيت الحال هكذا طوال الأشهر الثمانية التي قطعتها هذه الحرب بمراحلها المختلفة، ولم تكن العدسات تريد أن تتحول عنها، وقد كان فيها بالطبع ما يغري الكاميرات والعدسات بالبقاء والإقامة.

ولكنّ المفارقة أن الأوكرانيين كانوا في مرحلة من مراحل الحرب على غزة يستغيثون من التقدم الروسي، وكانوا مع الاستغاثات يطلقون التحذيرات من الخطر الروسي على أوروبا كلها، لا على أوكرانيا وحدها، ولكن الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل في أنحاء القطاع كانت كفيلة بالاستحواذ على اهتمام وتعاطف العالم من أوله إلى آخره، ولم تكن هناك بقية من تعاطف لأي قضية أخرى ولا بقية من اهتمام.

ولم يكن الروس غائبين عن الاشتباك مع هذا التطور الأميركي والأوروبي غير المسبوق في التعامل مع الشأن الأوكراني، فخرج من الكرملين ما يفيد بأن على الأميركيين والأوروبيين أن ينتبهوا إلى أن تلويح روسيا في السابق باستخدام السلاح النووي ليس من النوع الأجوف، وأن عليهم أن ينتبهوا إلى عواقب الحسابات الخاطئة التي يقومون بها.

والحقيقة أن الروس يشعرون أمام حالة مثل هذه بأنهم في مأزق، لا لشيء، إلا لأنهم يعرفون أن الضوء الأخضر إياه معناه التدخل المباشر من الأميركيين والأوروبيين في الحرب ضدهم، ومع ذلك، فليس في مقدور الرئيس بوتين أن يدخل في حرب مباشرة معهم، لأنهم لا يحاربونه بالطريقة المباشرة، ولا يوجد جندي أميركي أو أوروبي على الأراضي الأوكرانية.

ولهذا السبب فهو عندما يُلوّح باستخدام السلاح النووي، لا يفوته أن يذكر أن استخدامه سيكون فوق الأراضي الأوكرانية.

يتزامن قرار منح أوكرانيا الضوء الأخضر مع احتفالات أوروبا وأميركا بالذكرى الثمانين لإنزال النورماندي، الذي كان بداية لتحرير القارة الأوروبية من النازية. ورغم أن بوتين كان مدعواً إلى الاحتفال بالذكرى السبعين للإنزال نفسه في 2014، فإنه غير مدعو طبعاً هذه المرة، فما أبعد المسافة بينه وبين الأوروبيين والأميركيين، وما أعمق الفجوة التي حفرتها الحرب الروسية الأوكرانية بين الطرفين. كان الاتحاد السوفياتي السابق شبه شريك مع الأوروبيين والأميركيين وقت عملية الإنزال، ولكن تأتي الذكرى الثمانون بينما روسيا وريثة الاتحاد السابق خصم مباشر للولايات المتحدة وأوروبا وحلفائهما، وبينما الحصار الأميركي مضروب حولها من كل اتجاه.

الضوء الأميركي - الأوروبي الأخضر مشروط طبعاً، وليس ضوءاً أخضر مطلقاً، ولكنه أضاء كل «اللمبات» الحمر في الكرملين.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضوء أخضر يُشعل «لمبات» الكرملين الحمر ضوء أخضر يُشعل «لمبات» الكرملين الحمر



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب
 العرب اليوم - أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد

GMT 17:09 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2023

GMT 09:23 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

لغز اليمن... في ظلّ فشل الحروب الإيرانيّة

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هنا الزاهد تنضم إلى كريم عبد العزيز وياسمين صبري

GMT 19:45 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هل سيغير ترمب شكل العالم؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab