لو أن سقراط حضر بين موسكو وكييف

لو أن سقراط حضر بين موسكو وكييف

لو أن سقراط حضر بين موسكو وكييف

 العرب اليوم -

لو أن سقراط حضر بين موسكو وكييف

بقلم - سليمان جودة

رغم رسائل الطمأنة التي أرسلها الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطاب حالة الاتحاد إلى الأوكرانيين، إلا أن الرئيس الأوكراني زيلينسكي، يبدو أنه لم يطمئن تماماً، فسارع إلى تركيا، يزورها ويطلب مسعاها بينه وبين الروس.

كان بايدن قد ألقى خطابه السنوي في مساء الخميس 7 مارس، وكان قد قال وهو يخاطب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن الولايات المتحدة لن تتراجع أمامه في حربه على أوكرانيا.

وكان قد دعا الكونغرس، الذي كان يلقي الخطاب أمام جلسة مشتركة له، إلى أن يمرر المساعدات المطلوبة للعاصمة كييف، وألا يظل يؤخر تمريرها.

وكان هذا كله يكفي للطمأنة على الجبهة الأوكرانية، ولكن الواضح من تحركات الرئيس الأوكراني في اليوم التالي للخطاب، أن الطمأنة لم تكن كافية، فقام بزيارة إلى تركيا في 8 مارس، وهناك استقبله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقال إن جمع روسيا وأوكرانيا على طاولة واحدة للتفاوض، لا يبدو قريباً.

وليس سراً أن الأسابيع السابقة على الخطاب والزيارة معاً، شهدت تراجعاً في الحماس الأمريكي لدعم أوكرانيا، وكان التراجع على مستوى الكونغرس، أكثر منه على مستوى البيت الأبيض، ولكن في الحالتين، لم يكن زيلينسكي مطمئناً، وكان يتحدث دائماً عن نقص في الذخيرة لدى بلاده، وكان يحذر من عواقب ذلك على جبهة القتال.

وحتى أوروبا التي تظل أقرب إلى أوكرانيا، والأكثر تضرراً من الحرب، فإنها بدت مرتبكة هي الأخرى، وكان من مظاهر هذا الارتباك، حديث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن إمكانية إرسال جنود إلى أوكرانيا، ثم اعتذاره عما قاله في اليوم التالي.

ولا بد أن هذه حرب قد أرهقت أطرافها كلها، ولا فرق مما يبدو أمامنا بين أن يكون الإرهاق روسياً، أو يكون أوكرانياً، أو يكون أوروبياً، أو حتى أمريكياً.. ولماذا لا ترهق أطرافها كلها، وقد دخلت عامها الثالث، في الرابع والعشرين من فبراير المنقضي؟

وإذا كانت تركيا تشارك الأوكرانيين والروس حدودهما البحرية في البحر الأسود، وإذا كانت مع الأمم المتحدة قد ضمنت في صيف السنة قبل الماضية، اتفاقية تصدير الحبوب الروسية والأوكرانية من البحر الأسود، وإذا كان التصدير يتم عبر مضيق الدردنيل إلى بحر مرمرة، ثم منه إلى البحر المتوسط، عبر مضيق البوسفور، فوقف هذه الحرب مصلحة تركية لا شك..

ولا تزال تركيا تتوازن في تعاملها مع طرفي الحرب منذ بدايتها، وبطريقة ربما تدعوك إلى شيء من الإعجاب بما تفعله وتمارسه من سياسات في الموضوع.

فهي، على سبيل المثال، رفضت وترفض العقوبات الغربية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وحلفاؤهما على روسيا، وهي في الوقت نفسه تؤكد على أنها تتمسك بوحدة الأراضي الأوكرانية، ثم هي في وجه ثالث، تعطي أوكرانيا الطائرة المُسيرة التركية «بيرقدار»، وتقول إن عقد توريدها يتم وفق أسس تجارية، ويعود إلى فترة ما قبل بدء الحرب.

وكما ترى، فإنها تمارس توازناً دقيقاً للغاية، وتظهر في كل مراحل الحرب، وكأنها تمشي بين الطرفين على حبل مشدود، وتظل تحافظ على توازنها، فلا تسقط ولا تقع.

وهذا ربما هو الذي يمنحها درجة من المصداقية في السعي بينهما، وفي استضافة مسؤول روسي مرة، ومسؤول أوكراني مرةً ثانية، فلا يشعر أي منهما بأنها تنتصر للطرف الآخر عليه، وهذا أيضاً هو الذي دفع زيلينسكي إلى أن يزورها في اليوم التالي لخطاب الاتحاد.

ومن قبل زيلينسكي، كان وزير الخارجية الروسي لافروف يزورها، وكانت زيارته لا تخلو من التلميحات إلى أن بلاده لا مانع لديها من الجلوس على مائدة التفاوض، ولا من أن يسود السلام بين الجارتين روسيا وأوكرانيا.

ولكن سيظل تحديد المعاني بين البلدين، وبالطريقة التي كان سقراط يحرص عليها، هو التحدي الأكبر الذي يواجه كييف وموسكو معاً.. كان سقراط إذا حيّاه أحد فقال «صباح الخير»، تساءل على الفور: ولكن قل لي من فضلك، ماذا يعني الخير عندك، وماذا تقصد به؟

ماذا يعني السلام في الحالة الروسية الأوكرانية، وهل هو معنى واحد، أم أنه معنيان مختلفان؟.. شيء من الالتزام بالمذهب السقراطي، كفيل بإنهاء هذه الحرب العبثية، التي لم يكسب فيها أي طرف.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لو أن سقراط حضر بين موسكو وكييف لو أن سقراط حضر بين موسكو وكييف



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab