بقلم - سليمان جودة
ظهر الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون في برنامج تليفزيونى، فلم ينشغل الذين تابعوه على مواقع التواصل بشىء مما قاله.. إلا بالساعة التي كانت في يده.
وبلغ الانشغال بالساعة والبحث عن حقيقة ثمنها إلى حد أن قصر الإليزيه وجد نفسه مضطرًا إلى إصدار بيان بشأنها، فقال إن ثمنها هو كذا وليس كذا كما شاع بين الناس!.. ويبدو أن ماكرون قد أحس مبكرًا بأن ساعته يمكن أن تشغل الناس عن حديثه، فمد يده تحت الطاولة في أثناء البرنامج وخلعها!.. ولم ينشغل أحد طبعًا بما قاله الرئيس الفرنسى في حديثه للتليفزيون، ولا بما إذا كان قد قال شيئًا عن المظاهرات التي تملأ بلاده احتجاجًا على مشروع قانون عن التقاعد قرر هو تمريره!.
كان هذا على الشاطئ الشرقى للمحيط الأطلنطى، وفى المقابل انشغلت مواقع التواصل نفسها على الشاطئ الآخر من المحيط بقصة مشابهة!.. وقد بدأت القصة عندما قرر الرئيس الأمريكى جو بايدن زيارة جاستن ترودو رئيس وزراء كندا في بيته.
وفى استقبال بايدن في البيت وقفت أسرة ترودو تستقبله، وكان من بين أفرادها الابن الأكبر لرئيس الوزراء، الذي ظهر حافى القدمين!.. وقامت الدنيا ولم تقعد لأن الولد كان يظهر بالشراب في قدميه، ولم يكن يرتدى حذاءً في استقبال سيد البيت الأبيض.. وعلى سبيل إضافة بعض البهارات على الموضوع قالوا إن الشراب لم يكن نظيفًا، مع أن الصورة لا تقول شيئًا عن نظافة الشراب أو عدم نظافته.
ومن فترة كان رئيس البنك الدولى قد ذهب يزور تركيا، فلما أخذوه لزيارة مسجد أثرى كان لا بد أن يخلع حذاءه، وتبين أن شرابه مقطوع، وأن إصبع قدمه يخرج من الشراب.. ولكنه لم يجد حرجًا في ذلك، ولا تردد في خلع الحذاء، رغم أنه بالتأكيد كان يعرف أن شرابه مقطوع.
وما حدث في باريس تكرر في العاصمة الكندية، فلم ينشغل الذين تابعوا زيارة بايدن بما ذهب يتحدث فيه مع الكنديين، ولا بما سوف يقوله عند انتهاء زيارته، ولا بما يمكن أن يقال عن العلاقة الجيدة بين البلدين، بعد أن كانت قد ساءت في أيام دونالد ترامب.
لم ينشغل أحد بذلك، وكان الدرس أن «الموضوع» لا يهم الجالسين على مواقع التواصل، ولكن يهمهم «الشكل» ولا شىء سواه.. ولا فارق بين أن يكون الشكل ساعة في يد ماكرون، أو يكون شرابًا في قدم ابن رئيس وزراء كندا.. أما الموضوع فإن له الله.