بقلم : فاروق جويدة
ثلاثة أمراض أصابت إنسان هذا العصر: الخوف، والجبن، والقسوة.. وهذه الثلاثية لها توابع يرتبط بعضها ببعض، لأن الخوف علّم الإنسان الجبن، وكانت كرامة الإنسان أولى ضحايا الجبن.. وهذه الأمراض جميعها مكتسبات، لأن الله سبحانه وتعالى لم يخلق الإنسان خائفًا أو جبانًا.. وإن كان الجبن يعلّم الإنسان القسوة، فإن سقوط كرامة الإنسان يجعله يتعايش مع هذه الأشياء ؛ فهو يخاف لأنه بلا كرامة، ويقسو لأنه ضعيف وخائف وجبان.. وفى عصور الظلم تنتشر هذه الأمراض بين الناس حين تصبح القسوة بديلًا للرحمة، ويصبح الخوف بديلًا للكرامة، ويصبح الجبن سيد الأخلاق.. أما الفقر فهو نتيجة وليس سببًا، لأن الله سبحانه خلق الناس جميعًا أغنياء، ولكن الإنسان هو الذى يصنع الفقر حين يظلم ويتسلط ويسرق.. إن الأرض ملك للبشر، والإنسان هو الذى منح ومنع، وعدل وتجبر، وهو الذى اختار أمراض عصره.. ولكل زمان أمراض تتفشى فيه، وقد يمارسها الإنسان عن قناعة، لأنه يرضى لنفسه أن يكون جبانًا وخائفًا وقاسيًا وبلا كرامة.. وهناك إنسان آخر فى عصر آخر يرفض كل هذه الأمراض؛ فهو يقاوم الخوف، ولا يقبل القسوة، ويرفض أن يكون جبانًا حتى لو دفع الثمن.
ولقد كرمنا بنى آدم؛ أى أن الكرامة من أهم مكونات البشر، وهى تتعارض تمامًا مع الخوف والجبن والقسوة. وكل عصر يختار دليله.. إن ما يحدث فى العالم اليوم من مظاهر القتل والدمار يعكس آثار أمراض أصابت البشرية فقد أصبح الإنسان أكثر جبنا فتنازل عن حقوقه وأصبح أكثر خوفا فانزوى على ذاته وأصبح أكثر قسوة واختار القتل طريقا للحياة..