حبيبتى الدولة

حبيبتى الدولة!

حبيبتى الدولة!

 العرب اليوم -

حبيبتى الدولة

بقلم - عبد المنعم سعيد

 

«حبيبتى الدولة» تعبير برز فى الثقافة والصحافة والكتب والشعر فى لبنان الشقيق إبان الحروب الأهلية اللبنانية فى العصر الحديث. كان الشوق شديدًا ساعة انهيار المؤسسات والنظام وكثرة الميليشيات المتحاربة؛ ولا يزال الشوق مستعرًا بعدما بقيت الدولة ولكنها أحيانًا تفتقد الرئيس «الشرعى» أو مجلس الوزراء أو البرلمان.

لبنان كان له دائمًا طريقة لصناعة دولة فريدة باتت نموذجًا فى التعامل مع الانقسام الطائفى، عندما جرى التفاهم على تقسيم السلطة والمناصب العليا، الرئيس صار للموارنة ورئيس الوزراء من السنة، ورئيس البرلمان من الشيعة.

وبعد أن انهار ذلك كله فإن اللبنانيين باتوا مستقرين على كيان سياسى يتوقف فيه إطلاق النار؛ ويدور وفق السوابق أو فى حدها الأدنى؛ يقف حارسًا على بقائها دون حرب أهلية «الثلث المعطل» الذى يقف على نظام الدولة وحمايتها الخارجية والحرب من أجل تحرير فلسطين.

موضوعنا ما هو سائد حاليًّا من أن حل «الدولتين» هو الحل الأمثل للصراع الفلسطينى الإسرائيلى؛ ولما كانت إسرائيل قائمة، فإن القضية أصبحت هى الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

الفكرة قديمة قدم تقرير لجنة «بيل» ١٩٣٩، وقرار الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين ١٩٤٧، وما توحى به اتفاقية أوسلو ١٩٩٣، ومبادرة السلام العربية ٢٠٠٢. السعى نحو الدولة الفلسطينية لم يتوقف، ويقف الآن على أكتاف المرحلة الراهنة من حرب غزة الخامسة. هو مطلب عربى وفلسطينى رئيسى وسياسى واستراتيجى لحل الصراع وتحقيق الوئام فى الشرق الأوسط.

المعضلة الكبيرة القائمة أن التصور السائد هو أن هذه الدولة الفلسطينية لن تقوم ما لم تسمح بها إسرائيل بالتنازل عن الأرض الفلسطينية المحتلة؛ ويظل ذلك موضوعًا للتفاوض بدءًا من «قضايا الوضع النهائى» لاتفاقية أوسلو؛ وحتى ما هو متخيل الآن لمسار وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات لأهل غزة ثم الانسحاب الإسرائيلى من أرض احتلتها فى «النزاع الأخير»؛ وما قبله أيضًا.

ورغم الأهمية الكبرى سياسيًّا واستراتيجيًّا وقانونيًّا أيضًا لتحقيق الانسحاب الإسرائيلى فإن الدولة «حبيبتى» لا تحدث فقط بمثل هذا الانسحاب. الدولة دائمًا لها وجهان أولهما هو أن بناء الكيان السياسى للدولة يبدأ من شعب تواصلت أنسجته وخلاياه ومناطقه وثقافته لكى تخلق حالة «وطنية» هى الطابع بعد ذلك على «مواطنين» توافقوا، وليس بالضرورة اتفقوا، على أن يشكلوا حالة متميزة بالأرض التى يعيشون عليها وتختلف عمن يجاورها، ومن كان بعيدًا عنها.

هى كيان غير قابل للتكرار، والاحتلال تاريخيًّا كان من المحفزات لقيام الدولة، ولو لم يحتل نابليون إيطاليا لما جرى توحيد إيطاليا فى دولة واحدة. ولا توجد دولة تتطابق مع دولة أخرى فى وضعها «الجيو سياسى»، وكما يقال إن الإنسان لا يختار والديه فإن الدول لا تختار جيرانها بحرًا كان أو برًّا. وما يجعل الدولة فريدة فى العصر الحديث هو نوعية «القومية» التى تحتويها حيث تضع هذه الحالة «شخصية» للدولة ونوعية تركيبها ليس فقط الجغرافى وإنما مع ذلك التاريخى والثقافى.

ولكن الدولة أيضا «حالة»، وتلك الأيام «نداولها» بين الناس، أى نظام اختاره البشر لتنظيم أمورهم، ومن أهمها البقاء للجميع، وتنظيم العلاقات بينهم من خلال «سلطة» ليست شيخًا لقبيلة، ولا زعيمًا لعصبة وطائفة، وإنما هى الوحيدة التى تمتلك الاستخدام «الشرعى» أى المقبول به للسلاح سواء كان للمقاومة إذا كان البلد محتلًّا أو للدفاع عن الدولة إذا جاءها عدوان من الخارج.

مثل هذه الوظيفة التى هى من خصائص الدولة لا تقبل القسمة ولا الانقسام ولا «الثلث المعطل» الذى تحتكره طائفة أو جماعة. وحينما كانت إسرائيل فى طور بناء الدولة لم يقبل «بن جوريون» إلا أن يكون هناك تنظيم واحد مسلح هو «الهاجاناه» وكان على جميع التنظيمات المسلحة الأخرى- البالماح وليهى أرجون وشتيرن- الاندماج. كانت الدولة الإسرائيلية تضع أساس وجودها الموضوعى.

الدرس هنا كان يتسق مع قواعد بناء الدول طبقته جبهة التحرير الجزائرية لإنشاء الدولة المستقلة عن فرنسا. ولكن الدفاع ليس هو الوظيفة الوحيدة للدولة وإنما يضاف لها تنمية المؤسسات التى تعبر عن الهوية الوطنية، والتى تتيح الانتقال من عصر إلى آخر ضمن إطار مشترك.

مصر بنت دولتها المعاصرة بعد ثورة ١٩١٩ انطلاقًا من تصريح ٢٨ فبراير ١٩٢٢، ورغم التحفظات الأربعة المخلة بالسيادة، فإن النخبة المصرية أقامت دستورًا وبرلمانًا وحكومة وتمثيلًا خارجيًّا ونظامًا تعليميًّا وصحيًّا وإداريًّا واقتصاديًّا، ووقعت اتفاقية استقلال أكثر تقدمًا عام ١٩٣٦ ثم ألغتها عام ١٩٥٢. المعطيات كانت تتغير، ولكن ثبات الدولة المصرية كان هو الذى لا يتغير. فهل يتعلم الفلسطينيون؟.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حبيبتى الدولة حبيبتى الدولة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 العرب اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab