فى أصول التطور المصرى

فى أصول التطور المصرى

فى أصول التطور المصرى

 العرب اليوم -

فى أصول التطور المصرى

بقلم - عبد المنعم سعيد

أحيانًا تكون للمصادفات مجال فيما يواجهه الإنسان من مواقف، ومنها ماذا يقرأ وما الذى يضيف إليه من معارف تبدو أحيانًا فارقة. وقبل أسبوعين، نشرت فى هذا المقام مقالًا محتفيًا بكتاب الدبلوماسى جمال

أبوالحسن (٣٠٠ ألف عام من الخوف)؛ وقبل سنوات، كنت قد قرأت، وبعناية كبيرة، الكتب الثلاثة، التى نشرها فيلسوف التاريخ «يوفال نوح هرارى»، والتى تتابع تطور الإنسان فى ماضيه (البشر أو Sapiens)، وحاضره (٢١ سؤالًا إلى القرن الواحد والعشرين)، ومستقبله (Homo Deus). وكما ذكرت فى المقال، فقد كانت هذه الأعمال تنتمى من الناحية العلمية أو كما كان يقول عنها أستاذنا السيد ياسين «الأبستمولوجيا» أو المجال العلمى نظريًّا كان أو إمبريقيًّا إلى مدرسة «التاريخ الكبير Big History»، الذى ينظر فى تطور الكون، واكتساب الإنسان لملكاته وقدراته وإسهاماتها هذه فى تغيير العالم الذى نراه. الأخبار عن البحث الإنسانى للإجابة عن السؤالين الخالدين: من أينا أتينا، وإلى أين نذهب؟؛ كلها مُلِحّة، وتُظهر إلحاحه مع كل صورة جديدة تأتى من تليسكوب «جيمس ويب» حول اكتشاف أكوان جديدة كلما وصلنا إلى الكون الذى نعرفه.

وفى المقابل تتراكم المدهشات الكبرى من مستصغر «الجين» أو «الخلية» أو «الذرة» أو ما بداخل كل منها من قدرات مذهلة لكرات بيضاء وحمراء وإلكترونيات وفوتونات فى داخلها تفاعلات تجرى بسرعة «الفيمتو ثانية». كان أستاذنا أيضًا محمد سيد أحمد كثيرًا ما يتحدث عن العلاقة المعرفية ما بين «المتناهى فى الكبر» و«المتناهى فى الصغر» حيث التفاعل بينهما، وما يطرأ عليهما من تغيرات كمية سرعان- عند لحظة من التراكم- ما تكون تغيرات نوعية. لسنا هنا بصدد مراجعة أخرى للفلسفات الجدلية الهيجلية أو الماركسية أو عما إذا كانت نظرية «داروين» فى التطور حاكمة لفكرة التقدم الجوهرية أو أن حركة الإنسان والكون تسير فى أقدار وألواح محفوظة. مثل هذه المهمة أكبر بكثير من قدرات الكاتب، ولكن ما يهمه فيها هو هل يمكن أن تكون مفيدة للتطور المصرى فى وقت أزمة؟.

المصادفات وحدها هى التى أتت من خلال موقع «أكاديميا» بمبحث مهم تحت عنوان كبير «التاريخ الكبير والتطور الواسع»، ولحق بها «مبادئ التطور والآليات البيولوجية والمراحل الاجتماعية فى التاريخ الكبير» من تأليف ثلاثة من الباحثين: ليونيد جرينين، وأندريه كوروتاييف، وألكسندر ماركوف. وللحق، فإننى لم أكن أعرف أيًّا منهم، ربما لانشغالى بالحاضر أكثر من الماضى، أو بالسياسة المعاصرة أكثر منها بما مضى وفات أو ما سيأتى بعد ألف عام. المثير فى الموضوع هو تلك الرابطة ما بين قوانين وحركة الطبيعة وتطوراتها عبر ملايين السنين، والتطورات الجارية فى الظواهر الاجتماعية، التى يحدث فيها التطور من خلال كُتل لها ستة ملامح: القدرة على البقاء والتنظيم الذاتى، ودورة الحياة فى أجسام متنوعة، وقاعدة التطور فى الكتل المجمعة، والتطور اللامتساوى والطفرات الكارثية، والأجسام النمطية والأخرى الفريدة من نوعها، وإعادة تركيب أو دوران المادة فى الطبيعة.

مصر فى هذه الملامح مختلفة بشكل كبير، وجرى تراكمها الزمنى عبر عشرة آلاف عام، منها ٥٢٠٠ عام من التاريخ المسجل، ورغم تلك الأصالة، فإنها بعد ثلاثة آلاف عام من الوجود الذاتى إذا بها تبقى، بينما تتوالى عليها المحن وأشكال الهيمنة. وعندما تأتى إلى الحداثة فإنها لا تستقر على حال، ويبدو التطور ماضيًا بين حلقات من محاولة النهوض التى تتلوها مراحل للكساد والانطواء والإحباط، بينما العالم كله ينتقل من الآلة البخارية إلى ثورة الذكاء الاصطناعى.

آخر مراحل التطور المصرى فى التاريخ الكبير جاء منذ ثورة يونيو ٢٠١٣، ولكن التطور لا يأتى فجأة، فهو وفقًا لما سبق جزء من حلقات كانت متاحة، وربما لم يكتشفها أحد؛ ولا أحد يعلم ما كان مغروسًا فيها من زعقات للعودة إلى الخلف لكى تدور الحلقة كما كانت تدور من قبل. المدهش أنه توجد فى مصر عشرات الجامعات وأقسام الاجتماع وعلم النفس والتاريخ بكافة طبقاته، ولكن النفَس فى كثير من الأوقات ضيق، ومغلق على أفكار محدودة، ومراحل لا يراها أحد جرت قبل مائتى عام، وربما كانت كامنة فى ألف قبلها. وفى وقت أزمة اقتصادية موجعة، فإن الخروج منها لا يكون إلا بالحفاظ على القدرة وقوة الدفع، والاستعداد للطفرة، والمضى فى بناء ما أتى من خلال عيون خبيرة بأن ما يحدث الآن هو جزء من تاريخ كبير يحتاج من المصريين استجماع أمواجهم، وفرد أشرعتهم، لكى تَعبَّ فيها رياح التقدم. هذه المرة اللهم لا تراجع!.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى أصول التطور المصرى فى أصول التطور المصرى



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab