بقلم: عبد المنعم سعيد
كنت محظوظا عندما اصطحبنى السفير صلاح بسيونى عند زيارتنا القدس إلى صلاة الجمعة فى المسجد الأقصى ثم فى مسجد قبة الصخرة ثم السير فى طريق آلام المسيح عليه السلام الصاعد حاملا صليبه إلى حيث توجد فى القمة كنيسة القيامة فقمنا بزيارتها حيث حملنا عددا من الزهور الجافة المغلفة إلى أصدقائنا المسيحيين فى القاهرة. وإذا كان للأنبياء طريق للآلام فإن ذلك يصدق على البشر فى أثناء وجودهم فى الدنيا؛ كما يصدق على الأمم عندما توجد فى التاريخ. ويدهشنى ما أسمعه من رفاق الثقافة والعلم بأنه من الممكن لمسيرتنا الحالية منذ ثورة 30 يونيو 2013 أن تتم دون ألم أو أزمات اقتصادية أو مالية أو انقطاع للكهرباء. لا أقول إن ذلك حتمي، وإنه لا دور فيها لأخطاء البشر وذنوبهم، ولكن ما يقوله التاريخ إنه لا توجد أمة لم تكن عليها مواجهة لحظات عصيبة. ما تلى الثورة الأمريكية كانت سنوات تخللتها ثورات، وبعد عقود جاءت الحرب الأهلية قتل فيها مئات الألوف، واحتاج الزمن مائة عام حتى تعطى للسود حقوقهم المقررة فى الدستور. ومؤخرا فإن مدينة هيوستون لم تعرف الكهرباء لأسابيع، وتسببت درجة الحرارة فى مقتل 28 شخصا فى كاليفورنيا.
الصين دفعت ثمن مقتل 30 مليونا من الفلاحين لكى يحدث التقدم فى عهد ماو، وبعد موته جرت مجزرة الأشقياء الأربعة، وفى عهد هتساو بينج استمر تقييد عدد الأطفال فى الأسرة إلى طفل واحد. مسيرة التقدم فى كل بلاد العالم كان لها ثمن من ألم فادح من تكلفة لا يستبعد بلد منها ولا دولة. ومن غريب أن هذا التاريخ العالمى يكاد يكون بعيدا عن الذاكرة والوعى المصري، وهناك نوع من الحساب الذى يجرى فيه التفصيل على الحالة المصرية التى عرفت أحوالا لم تصل فيها لا الكهرباء ولا الخبز إلى ريف مصر. مرة أخرى لا يعنى القول دعوة لتجنب الحساب، ولكن الحساب لا يكون دقيقا ما لم تكن كل الموازين معروفة.
نقلا عن الأهرام