القطاع الخاص وأوليمبياد باريس

القطاع الخاص وأوليمبياد باريس

القطاع الخاص وأوليمبياد باريس

 العرب اليوم -

القطاع الخاص وأوليمبياد باريس

بقلم: عبد المنعم سعيد

عنوان المقال يعبر عن حيرة الكاتب؛ فى أى من الموضوعين يكتب؟!؛ فالجزء الأول هو امتداد لما أُلِحُ عليه منذ ثمانينيات القرن الماضى حول الأهمية المحورية لدور القطاع الخاص فى التنمية الاقتصادية والتنمية الوطنية أيضا. الجزء الثانى بات ملحا عندما أصيب الجمهور المصرى بقدر غير قليل من خيبة الأمل بعد نتائج الأوليمبياد التى بدت أقل بكثير مما تستحقه مصر؛ وأدنى مما بدا عليه الأمر ساعة السفر إلى باريس. ما يجمع الموضوعين هو «المنافسة» التى تقع فى السوق المفتوحة التى يربح فيها القطاع الخاص الأعلى جودة والأقل تكلفة والأكثر استعدادا لاستخدامات التكنولوجيا الحديثة، وإذا كان كافيا للسوق المحلية ومحققا لفائض للتصدير فى السوق الخارجية. والمنافسة التى تقع فى الملاعب والمضمار والمنصة للأعلى والأسرع والأقوى؛ وكلها صفات لا تختلف كثيرا عن تلك الواقعة فى السوق والتى تذكر بتعبيرات أخرى.

ما يجمع الموضوعين أيضا أن كليهما لا هو راض عن نفسه ومكانته فى المجتمع؛ ولا الجمهور المصرى يحسن الظن؛ فالإحباط دائم كلما هلت مسابقة عالمية فى المجال الرياضى وخاصة كرة القدم ولا يكف الرياضيون عن إلقاء اللوم على التحيز والخواطر وقلة الإمكانيات؛ وفى القطاع الخاص فإن «مزاحمة» الدولة فى الأسواق والسياسات الضريبية وانتصار الاستيراد على التصدير فى سياسات الدولة هو من العلل الشائعة فى الحديث العام. وما يجمع الموضوعين ثالثا هو أن كليهما يريد فى نفس الوقت للدولة أن تتدخل إما فى مجال السياسات العامة؛ أو للانتصار لوجهة نظر تعتبر أساس نجاة السياسات العامة وفتح الانطلاق فى السمعة والاقتصاد القومى.

الأمر فى كلتا الحالتين يحتاج أولا أن توضع الأمور فى نصابها الصحيح، وفى الأول والآخر فإن مصر تعد دولة نامية؛ وهى بحكم تاريخها وواقعها الحالى محملة بأثقال بالغة من محيطها الإقليمى غير المستقر؛ ومن تراث الأمية والعشوائيات والفقر بصورة عامة. ومع ذلك ثانيا فإن مصر عامة تقع فى منتصف معظم التراتيب الدولية أو أعلى قليلا أو أقل قليلا من الدول المماثلة فى الدخل والتاريخ؛ وخلال السنوات العشر الأخيرة حققت الكثير سواء كان فى البنية الأساسية للاقتصاد أو للرياضة. وربما كانت نظرة على النتيجة النهائية لأوليمبياد باريس تقول إن ترتيب مصر كان ٥٢ بعد الأرجنتين مباشرة التى حصلت على نفس العدد والنوع من الميداليات (٣)، ولكنها تتفوق على تركيا والهند والمغرب وكوريا الشمالية وماليزيا وما تلا من ٢٠٦ لجان أوليمبية لوحدة سياسية مشاركة؛ وتقع مصر فى منتصف الدول التى حصلت على ميداليات وعددهم ٩١ دولة وما تبقى لم يحصلوا على شىء غير فضل الوصول إلى باريس. لكن اللافت للنظر أيضا أن الدول العشر الأوائل جميعها بلا استثناء هى من دول اقتصاد السوق والقطاع الخاص؛ وكان ذلك هو الحال فى جميع الدورات الأوليمبية السابقة اللهم إلا فى فترة تواجد الاتحاد السوفيتى فكان للدول الاشتراكية نصيب وحظ. الولايات المتحدة تلفت النظر كثيرا فقد حصلت على ١٢٦ ميدالية منها ٤٠ ذهبية مقابل الصين ٩١ و٤٠ ذهبية أيضا، والأولى لا يوجد فيها وزارة الشباب والرياضة بينما يوجد فى الثانية.

ربما هنا يمكن معرفة الرابطة بين القطاع الخاص وأوليمبياد باريس حينما يقوم المجتمع على درجة عالية من المنافسة، وبالطبع المنافسة العادلة التى تفعل علاقات العرض والطلب فى سوق منتجة للسلع والبضائع واللاعبين واللاعبات الأشداء العطشى للعمل والتدريب والمتحرقين للفوز فى السوقين المحلية والعالمية. هنا لا نجد فى مصر إلا التأكيد على أهمية القطاع الخاص والترحيب به فى الاقتصاد القومى؛ وأكثر من ذلك جرى التصريح بأن المدن الجديدة وفى طليعتها العاصمة الإدارية والمزارع السمكية والصوب الزراعية والأراضى المستصلحة سوف تكون مطروحة إما بالبيع المباشر أو بتحولها إلى شركات مسجلة فى البورصة فيحدث معها مع حدث فى بريطانيا عندما فتحت الأبواب للشعب لكى يمتلك أسهم الشركات التى يقال عنها «عامة». فى حدود العلم فإن أيا من هذا لم يحدث، وبشكل ما فإنه فى دور التجهيز؛ وأحيانا كان هناك غطاء للخصخصة من خلال «الصندوق السيادى» الذى حقق معدلا بطيئا فى طرح الأصول العامة. العقدة الكبرى هنا وهناك أن تشجيع القطاع الخاص يحدث بتسهيل السياسات الضرائبية ووضعها فى إطار المنافسة الدولية إذا كان تشجيع التصدير ضروريا أو فى حالة الخصخصة التقييم العادل لسعر الأصول العامة. ما حدث أن بقاء الكثير من الشركات العامة محتفظة بخسارتها دون بيع يعود إلى تقييم الأصول الذى يحتاج إلى شركات متخصصة داخلية أو خارجية. وبصراحة فإن هناك عقدة كبرى لا يجرؤ على تخطيها موظف عام عند وضع الأصل العام فى السوق، وعما إذا كان الثمن هو نتيجة السياسة الاقتصادية أو أنه نتيجة فساد مقصود. حل هذه العقدة لا يوجد إلا من خلال شركات محترفة ومتخصصة لتقييم الأصول العامة.

تفعيل المنافسة لا يكون إلا بوجود السلع، وفى حالة الرياضة لا يكون إلا فى وجود الأندية التى للأسف لا توجد إلا فى القاهرة وبدرجة أضعف فى الإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية؛ أما فى بقية بر مصر لا توجد أندية تنافس، وأحيانا لا توجد أندية على الإطلاق. هنا فإن اللامركزية واجبة بين المحافظات والمراكز مستغلين فى ذلك مراكز الشباب والساحات الشعبية. لا يجوز فى ذلك أن يكون هناك أحيانا ناد واحد من الصعيد، أو أن تبتعد أندية محافظات كثيرة السكان والإنتاجية مثل الغربية والدقهلية؛ أو لا يوجد أندية على الإطلاق فى أكبر محافظات مصر مثل الوادى الجديد ومرسى مطروح وسيناء. المحافظون هنا واجباتهم كبيرة، ليس فقط فى حفظ الأمن والنظام، أو متابعة المشروعات القومية وهو مطلوب، وإنما فى البحث عن الثروة القائمة وتيسير الاستثمار فيها من أهل المحافظة أو من خارجها. وكما هو معلوم فإن الثروة ليست سلعا وبضائع وأراضى ومالا فقط، وإنما هى أيضا بشر يكون لديهم اللياقة البدنية والعقل الناضج والمبدع. وقبل عقدين أو أكثر تقريبا قام مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمشروع بحثى عن المحافظات المصرية تحت إشراف د. عمرو هاشم ربيع حيث جرى إصدار كتاب عن كل محافظات فى مصر من زاوية موقع المحافظة من التنمية البشرية وتحديد تخلفها أو تقدمها، هذه الكتب كان أول من يبحث عنها المحافظون عندما يتولون مواقعهم، وفى كثير من الأحيان كان الأكثر نشاطا يدعو إلى استخدام المادة العلمية لبعث الأنشطة الاقتصادية والرياضية أيضا.

كل ما سبق يضع العقدة فى المنشار؛ وإطلاق طاقات القطاع الخاص؛ وتحقيق الانتصارات الرياضية؛ لا يأتيان فقط بالحث عليهما، والترحيب بوجودهما، وإنما من خلال طرح سياسات اقتصادية تفعل هذه الحقيقة وتكفل المنافسة، ولا تحتاج لأكثر من زيارة إلى فيتنام لكى نتعلم السياسات، بما فيها ما تطرحه يوميا على العالم أجمع من خلال نشرات تحدد القوانين ووسائل التقييم.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القطاع الخاص وأوليمبياد باريس القطاع الخاص وأوليمبياد باريس



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab