حديث المصافحة

حديث المصافحة

حديث المصافحة

 العرب اليوم -

حديث المصافحة

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

أصبحت صورة «المصافحة» بين الرئيسين المصرى عبدالفتاح السيسى والتركى رجب طيب أردوغان، يوم افتتاح نهائيات كأس العالم في كرة القدم وما ورد عن اجتماع بينهما في العاصمة القطرية، حديث المرحلة في الدوائر السياسية والصحفية والإعلامية الإقليمية والدولية. وهكذا كان الحال في تاريخ الخصومات والتنافسات وحتى الصدامات الدولية حينما يجرى نزع حرارتها من خلال الدبلوماسية والتصافح بالأيدى. آخر المصافحات المذكورة في كتاب المنطقة العربية جرت بين الرئيس المصرى حسنى مبارك والرئيس السورى حافظ الأسد، خلال انعقاد القمة الإسلامية في الكويت عندما جرى لقاء «الصدفة» لكى يبدأ رحلة عودة مصر إلى الجامعة العربية مرة أخرى بعد خروجها منها في أعقاب اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية. في ذلك الوقت كما هو الآن، فإن التصريحات التي جرت بعد المصافحة كانت تنبئ بانفراج الحال واسترخاء التوتر من خلال خطوات الواحدة تلو الأخرى، والمعنى هنا أنه لن تكون هناك قفزات. وكما هو واضح فإنه رغم تكرار الموقف تاريخيًّا، فإنه لا يعنى أن كل الحالات متماثلة؛ وإذا كانت الحالة المصرية السورية مُحاطَة بالحرب والسلام مع إسرائيل، فإن الحالة هذه المرة كانت محتضَنة بما سُمى «الربيع العربى» ونتائجه والتغيرات الاستراتيجية الكبرى في منطقة الشرق الأوسط التي ترتبت عليه.

جرت الفُرقة المصرية التركية نتيجة الموقف التركى، الذي رأى فيما جرى شرارة ثورية تنقلب فيها الأوضاع رأسًا على عقب في اتجاه سيطرة وهيمنة «الإسلام السياسى»، الذي يعبر عنه الإخوان المسلمون، والذى يجد في القيادة التركية امتدادًا له واعتزازا بآخر دولة للخلافة الإسلامية تحت الأعلام العثمانية. ولكن ذلك لم يكن هو العامل الوحيد، وإنما انضمت إليه حقيقة أن مصر وتركيا من دول المنطقة الراسخة؛ أو ما يسمى «الدول القومية» أو Nation States، وكلتاهما كانت لها مصالح «جيوسياسية» متناقضة سواء كان ذلك في شرق البحر الأبيض المتوسط أو البحر الأحمر أو ليبيا، التي بلغت عندها العلاقات بين البلدين ذروة الخطوط الحمراء التي لا يجوز تخطيها.

رسوخ الدولتين وضع الخلافات بينهما، رغم اشتعالها أحيانًا بفعل الوجود الإخوانى الكثيف في تركيا والتصاعد في الأزمة الليبية، لم يمنع عزل الجانب الاقتصادى في العلاقة بعيدًا عن نقاط الصدام، فظلت المصالح الاقتصادية على حالها الذي كان. ولا جرى غلق أبواب البلدين عن بعضهما البعض، فتبادلت شركة مصر للطيران والطيران التركية أكواد وأرقام رحلات الحل والترحال. ولعله كان سببًا بعد ذلك عندما خفتت أعاصير الربيع المغدور في الأفول في أن «إعلان العلا»، الذي صدر عن قمة مجلس التعاون الخليجى في ٤ يناير ٢٠٢١، والذى دشن «المصالحة» بين قطر من ناحية وكل من مصر والسعودية والإمارات، ما لبث أن شمل تركيا أيضًا، فتسارعت عودة العلاقات بين أنقرة وكل من الرياض وأبوظبى. الحالة مع مصر كانت أكثر تعقيدًا، ورغم اللقاءات الدبلوماسية على مستويات عالية، فإن الخلافات الجيوسياسية سواء كانت تمس شرق «المتوسط» أو ليبيا، فإنها رغم تقارب جرى ومهد لتشكيل هياكل سياسية ليبية، فإن ما حدث في العالم بفعل الحرب الأوكرانية شغل اهتمامات كثيرة لم تجعل المصالحة في قائمة الأولويات.

«المصافحة» التي جرت في الدوحة لم تكن مجرد ضرورة بروتوكولية أو اختطاف صورة تاريخية، وإنما جاءت تتويجًا لعمل دبلوماسى سعت له السعودية والإمارات وبالتأكيد قطر لكى يضيف إلى سجلها المبهر في فرح المونديال. هي بهذا المعنى تضيف إلى ما سبق وصفه بأنه «الإقليمية الجديدة»، التي نجمت عن التغيرات الجوهرية الجديدة في العالم من أول الانسحاب الأمريكى من الشرق الأوسط إلى الحرب الأوكرانية وما ترتب عليها من نتائج في الطاقة والغذاء، فالحقيقة أنه لم يعد في صالح أقاليم العالم المختلفة أن تنتظر تصالح أو تنظيم تنافس القوى العظمى في العالم (الولايات المتحدة والصين وروسيا) وتوابعها في أوروبا وآسيا. وإذا كان المثل يقول إن أهل مكة أدْرَى بشعابها، فإن أهل إقليم الشرق الأوسط لابد أن يكونوا أدْرَى بمصالحهم، أولًا بتحقيق الاستقرار في المنطقة بوقف الحروب ومقاومة الإرهاب وتحقيق السلام، وهو معقد وصعب؛ وثانيًا بالتعاون في كل ما له علاقة بالنمو والتنمية. في الإطار المصرى التركى فإن هناك الكثير من الفرص الاقتصادية؛ وهناك ما يحتاج التداول في قضايا شرق «المتوسط» وليبيا، وبالتأكيد فإن المنطقة كلها باتت تعيش مرحلة من التواضع والنضج، الذي يتيح إدراك أن ما لا يُدرك كله لا يُترك كله، وأن الإقليم فيه من الموارد والإمكانيات ما يسمح بكثير من الفوائد لجميع الأطراف طالما يعرف كل طرف أقدار الآخرين.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حديث المصافحة حديث المصافحة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه
 العرب اليوم - العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab