الانفصال عصا الأكراد السياسية

الانفصال... عصا الأكراد السياسية

الانفصال... عصا الأكراد السياسية

 العرب اليوم -

الانفصال عصا الأكراد السياسية

مصطفى فحص

يحاول رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي، وبشتى الوسائل، التصويب على القيادة الكردية، متهما إياها بالقيام بتنفيذ أجندة سياسية خاصة، منذ اندلاع أزمة الموصل، وارتفاع وتيرة الكلام عن انفصال الإقليم عن الحكومة المركزية. وقد تكون العلاقة بينهما دخلت مرحلة اللاعودة على ما يبدو، بعد هجمة الاتهامات التي شنها السيد المالكي ضدهم في مؤتمره الصحافي الأخير قبل أيام، غمز فيها من قناة أربيل وطموحاتها (الانفصالية)، متهما الأكراد باستغلال الظروف الحالية الصعبة من أجل تنفيذ أجندة خاصة، وفرض أمر واقع سياسي وميداني، بما يخص مستقبل مدينة كركوك وتمسكه بالمادة 140 من الدستور، التي أعلن الزعيم الكردي مسعود برزاني انتهاء الحاجة إليها، بعد انتشار البيشمركة في كركوك ومناطق أخرى متنازع عليها، ما جعل ريبة المالكي تعطيه سببا لهجمته وإن كان مبالغا فيها، والأسباب الحقيقية لهذه الهجمة قد تكون لها علاقة بوضعه القلق ومستقبله السياسي.
حدة التصريحات بين المالكي والأكراد، هي ردة فعل على الموقف الكردي الحازم والحاسم من توليه رئاسة الحكومة لولاية ثالثة، حيث وصل التصعيد عند بعض القيادات الكردية إلى رفض تولي أي شخصية مقربة من المالكي منصب رئاسة الوزراء، في رد مباشر على اتهامات وجهتها هذه القيادات للمالكي، بمحاولاته عزل أطراف كردية، وتشكيل حكومة أغلبية حتى قبل اندلاع أزمة الموصل.
لقد راهن المالكي على اختراق الأكراد، والاستفادة من تعدد وجهات النظر وتقدير الموقف بين أربيل والسليمانية، واللعب على الحساسيات، والتقرب من حركات سياسية جديدة، حصلت على تمثيل معقول في الانتخابات الأخيرة، إلا أن ارتباكة المالكي الفعلية في غياب رئيس الجمهورية العراقية، الزعيم الكردي التاريخي جلال طالباني عن المشهد جراء مرضه، الذي بذل جهدا سابقا في تخطي الكثير من التعقيدات بين المالكي والقوى السياسية العراقية الأخرى، هذا الغياب انعكس سلبا على استقرار المالكي وقدرته علي مواجهة المستجدات، ففي هذه المرحلة تجاوز الأكراد كثيرا من حساباتهم السياسية الخاصة، وتوحدوا في مواجهة المالكي والضغوط الإقليمية من أجل حماية مصالحهم القومية، إلا إذا استطاعت الطبقة السياسية العراقية أن تتفاهم، وتحفظ وحدة العراق فيستقر الوضع الكردي على حاله.
في المقابل خرجت أصوات شيعية وازنة من داخل التحالف الوطني، لم تقبل بالاتهامات الموجهة للأكراد والتحريض عليهم، وقد حافظ السيدان عمار الحكيم ومقتدى الصدر والدكتور عادل عبد المهدي على تمايزهم، وأصروا على حماية الشراكة التاريخية بين الأكراد وشيعة العراق، وعدم التفريط فيها من أجل أجندات خاصة، يحاول بعض الساسة الشيعة افتعالها، وخلق فجوة في المسار التاريخي، الذي أسست له فتوى المرجع الشيعي العراقي الإمام السيد محسن الحكيم، بحرمة قتال الأكراد إبان أزمة الستينات مع الحكومة المركزية، ورسخه الصراع المشترك ضد نظام صدام حسين، وهو يتعزز اليوم بإمكانية شراكة وطنية تجمع الأكراد والمعتدلين من الشيعة والسنة، من أجل الخروج من هذا المأزق، كما أن أربيل والسليمانية حافظتا على علاقة الود والاحترام المتبادل مع النجف، ولم تفلح سياسات التحريض للشارع الشيعي العراقي ضد الأكراد، في خلق هذه الفجوة التي يأمل للمالكي ومؤيدوه أن تؤمن لهم عصبية مذهبية و«عربوية»، بحجة تحالف الأكراد السنة مع سنة العراق ضد الحكومة المركزية والمصالح الشيعية.
لقد أثار التصريح الأخير لرئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني حول الاستفتاء على مستقبل كردستان الكثير من ردات الفعل الإقليمية المتخوفة وخصوصا الإيرانية والتركية (تركية بنسبة أقل) من تطلعات الأكراد فيهما، كما كشفت وسائل إعلام عالمية أن فكرة استقلال كردستان جرى تداولها في اجتماع وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأخير، مع مسعود بارزاني في أربيل، حيث اعتبر كيري أن طرح موضوع الاستقلال في هذه المرحلة غير مناسب.
شاءت الظروف أن يكون الأكراد المستفيد الأول من الأحداث الأخيرة، فسيطروا على كركوك ومناطق محيطة بها، ويستعدون لربط حقولها النفطية بالأنبوب الاستراتيجي، الواصل إلى سواحل المتوسط عبر الموانئ التركية، وأصبحوا رأس الحربة القادر والمدرب في محاربة الإرهاب، بعد أن فصلوا بين داعش ومطالب أغلبية سنة العراق، من الحكومة المركزية، وهي مطالب تتداخل بأغلبها مع مطالبهم، وهم وضعوا العثرات بوجه عودة المالكي، ولم يخضعوا للرغبات الإيرانية في تسهيل عودته، بل وصلوا إلى أبعد في تحديهم بالربط بين المالكي والاستفتاء على الانفصال، ما يعني أن الاستفتاء ليس نهائيا أو حتميا، إنما يستعمل كعصا من أجل الحفاظ على وحدة العراق، واستقرار وسلامة الوضع الكردي.

 

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانفصال عصا الأكراد السياسية الانفصال عصا الأكراد السياسية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab