سمير فرنجية وثرثرة لبنانيين فوق الليطاني

سمير فرنجية.. وثرثرة لبنانيين فوق الليطاني

سمير فرنجية.. وثرثرة لبنانيين فوق الليطاني

 العرب اليوم -

سمير فرنجية وثرثرة لبنانيين فوق الليطاني

بقلم : مصطفى فحص

يصر سمير حميد فرنجية على الإقامة بين الواقعية السياسية وفسحة الأمل، فهو المسكون بالتفاؤل ومتهم به، على الرغم من خوفه وأترابه من شهوة بعض اللبنانيين إلى الحرب، وقلقه الدائم من رفض بعضهم التعلم من أخطاء من سبقهم، أولئك الذين لجأوا إلى السلاح وسيلة لحماية ما وصفوه حينها بالمكتسبات، فإلى الآن ما زالت تدفع الدولة، ومعها كل اللبنانيين، ثمن مغامرات الطوائف وإغراءات الغلبة في لحظة استشعار القوة، أو التفوق لدى الجماعات المذهبية، أو الأحزاب الطائفية، أو مشاريع الأفراد الذين سخروا الدولة والطائفة والمذهب والحزب والمسجد والكنيسة في خدمة مصالح جماعتهم وعصبياتها، فقد أتاحت لهم معادلات مؤقتة بالاستقواء على الداخل بالداخل، أو استدعاء الخارج للاستقواء على الداخل، أو فائض قوة جعلهم يستقوون بالداخل على الخارج، غير آبهين بأن اللبنانيين قد أنهكوا مما دفعوه ثمًنا لمغامرات إقليمية ودولية في بلدهم، وأن خوفهم الآن مما قد يضطرون إلى القبول به نتيجة مغامرات البعض الإقليمية، التي باتت تهدد أسس الكيان الذي قامت عليه الجمهورية.

لا يتردد العضو السابق في البرلمان اللبناني سمير فرنجية، وهو الشريك في كتابة المسودة الأولى لاتفاق الطائف، إلى جانب الرئيس الراحل رفيق الحريري، والعقل المدبر لانتفاضة الاستقلال الثاني 14 مارس (آذار) 2005 ،إلى جانب الرئيس سعد الحريري، في الاعتراف بفشل التجربة السياسية لقوى «14 آذار» التي انبثقت عن انتفاضة الاستقلال الثاني، في تشكيل كتلة تاريخية عابرة للطوائف، كما أنها فشلت في حماية تطلعات أفرادها المستقلين بالتغيير، الذين أحبطتهم تجربة عشر سنوات تخللتها خيبات الأمل، مما دفعهم إلى البحث عن الانتفاضة بالانتفاضة، وهو برأي فرنجية قرار صريح لشريحة مؤثرة داخل «14 آذار» بإعادة التموضع خارجه والعودة إلى الشارع جزًءا من الحراك المدني، الذي بات بعد الانتخابات المحلية الأخيرة يملك الأهلية والإمكانية لتشكيل البديل في مواجهة الطبقة السياسية بشقيها «14 آذار» و«8 آذار»، التي تراصفت جنًبا إلى جنب، من أجل حماية نظام مصالحها والمكاسب التي تجنيها من نظام المحاصصة الطائفّية.

وفي انتظار ما ستؤول إليه حركة «14 آذار»، وغريمتها «8 آذار»، يتبلور توصيف فرنجية للوقائع الإقليمية المكونة للمشهد السياسي اللبناني القائم على معادلة أن «8 آذار قد خسرت، ولكن في المقابل فإن 14 آذار لم تربح»، فيما تراوح الحياة السياسية اللبنانية مكانها، حيث لا صوت يعلو فوق صوت التعطيل، وهو تعطيل مقصود، وضع الدولة رهينة الانتظار الإقليمي، وهو انتظار أوقع اللبنانيين بصدمة التلاشي التدريجي لمؤسسات الدولة، فاستيقظوا منذ أيام على خبر تلوث أطول نهر لديهم (الليطاني)، حيث أدى إهمال المؤسسات الرسمية له إلى اغتياله بيئًيا، وبات خوفهم من أن تتعرض ثروتهم من الغاز إلى اغتيال آخر، على يد نفس الطبقة السياسية التي ينخر فيها الفساد مما أدى إلى تسميم حياتهم. وقد أصبحت ثرثرة اللبنانيين فوق مياه الليطاني وغاز البحر المتوسط كأنها تبشر بواقع جديد، يرغب دعاته بالانقلاب على ما تم التوافق عليه في اتفاق الطائف، والتزم به الجميع حتى اغتيال صانعه، وهي ثرثرة تراكمت تداعياتها في العشر سنوات الأخيرة، وبات خلالها الاحتكام إلى السلاح وليس الدستور، الذي تشير أغلب المعطيات إلى أنه المستهدف الفعلي من وراء التعطيل، الذي إن نجح استهدافه، فهي هزيمة لكل المتمسكين بفكرة المناصفة والدولة القوية.

في روايته «ثرثرة فوق النيل» يرصد الروائي المصري العظيم نجيب محفوظ مرحلة مهمة من تاريخ مصر، ما بين حركة 1952 وهزيمة 1967 ،وما فرضته تلك التحولات على المشهد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والفكري في بلاده، التي برأيه مهدت للنكسة وتداعياتها. في حين أن بعض اللبنانيين يكتفون بالثرثرة فوق الليطاني، بينما يقترب بلدهم من نكسة دستورية، من دون أي ردة فعل تساعد على الوقوف بوجه دعاة الانقلاب على الطائف، لما تحمل من خطر على السلم الأهلي. وعليه فإن المطالبة بالالتزام بتطبيق الاستحقاقات الدستورية تجنب اللبنانيين الانزلاق نحو دورة عنف، نتيجة لتزايد الحديث عن مطالبة بعض الأطراف بمؤتمر تأسيسي جديد يخرج بتعديلات على الدستور قد ينهي ما تم الاتفاق عليه في «الطائف»، الذي أنهى حربا أهلية استمرت 15 عاما.

من هنا يكمن قلق شخصيات لبنانية مؤثرة في مقدمتها سمير فرنجية، وتحذيرها الطبقة السياسية اللبنانية من الرضوخ لموازين قوى مرحلية عجزت عن حسم مغامراتها الإقليمية، فتحاول التعويض محلًيا، فهؤلاء المغامرون الجدد مطالبون بالعودة إلى معنى لبنان لا الانقلاب عليه.

arabstoday

GMT 00:19 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

جليلي وقاليباف وبينهما بزشكيان

GMT 23:39 2024 الخميس ,20 حزيران / يونيو

مسيّرة «الهدهد» وهوكستين

GMT 00:12 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

جنوب لبنان والاحتمالات الصعبة

GMT 00:15 2024 الجمعة ,31 أيار / مايو

غزة... وثنائية المحرقة والنكبة

GMT 00:08 2024 الجمعة ,24 أيار / مايو

إيران... قَدَر رئيسي وقَدَر النظام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سمير فرنجية وثرثرة لبنانيين فوق الليطاني سمير فرنجية وثرثرة لبنانيين فوق الليطاني



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab