إيران قَدَر رئيسي وقَدَر النظام

إيران... قَدَر رئيسي وقَدَر النظام

إيران... قَدَر رئيسي وقَدَر النظام

 العرب اليوم -

إيران قَدَر رئيسي وقَدَر النظام

بقلم - مصطفى فحص

بعد رحيل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يواجه النظام في طهران ضائقتين: الأولى في الوقت، والأخرى في قائمة الأسماء المرشحة لخلافته. ولأن خلافته ليست محصورة بمنصب رئيس الجمهورية فقط، فإن معضلة النظام الكبيرة في كيفية إدراك الاسم الأنسب لمرحلة انتقالية لا يملك فيها رفاهية الوقت لإضاعته، ولا وفرة في المؤهَّلين حتى يتمهل في اختياره، فالرئيس الراحل، جيء به رئيساً لأداء مهمتين مختلفتين ولكنهما مترابطتان؛ الأولى تنفيذية ولكنها في الوقت نفسه كانت اختبارية تكشف عن قدراته القيادية التي قد تؤهله لمنصب المرشد، أما الأخرى فكانت ائتمانية، أي منحه ثقة القيادة في إدارة عملية انتقال السلطة إلى المرشد الجديد.

في الطريق إلى الرئيس الجديد باتت أولوية النظام هي المرشد الجديد، وهي العقدة المطلوب حلّها قبل اختيار الرئيس العتيد، الذي ستحدد هويته حدود دوره، فإذا كان رجل دين فإنه سيحظى بما حظي به سلفه الراحل، وإذا كان من خلفية مدنية أو عسكرية فهذا يعني أن موقع الرئاسة لم يعد ممراً إلزامياً للوصول إلى منصب المرشد، ما معناه أن النظام سيعمل على تأهيل شخصية دينية بأقصى سرعة لتكون مؤهلة للمرشدية، وإما أن يتركها لقيادة جماعية يشكِّل رئيس الجمهورية عمودها الفقري، وهنا سيكون لصاحب هذا المنصب ومن يقف خلفه من مراكز القوة القدرة على حسم الخيارات في النزاع على السلطة، وفي هذا استعادة لتجربة الثنائي رفسنجاني - خامنئي بعد رحيل المرشد المؤسِّس، والتي مثَّل فيها الأول نموذج الرئيس القوي الذي أدار السلطة حتى اكتمال تأهيل المرشد.

في الطريق إلى المرشد الجديد، بات النظام بحاجة إلى رئيس جديد، وتعاني مؤسساته عقماً أثّر بشكل واضح على إعادة إنتاج نفسه، وحين أدرك متأخراً ما أصابه اختار التشدد علاجاً قسرياً تجنباً لإصلاح لا يمكن ضبطه، لذلك اختار النظام أن يعود إلى طبيعته الأولى أو الطبيعة الواحدة ويغلق الباب على تعدديته، لذلك لجأ إلى إعادة إنتاج نفسه وفقاً لبداياته الأولى الثورية ولكن في غير المكان والزمان، فلا طهران 1979 مثلاً تشبه طهران الحالية حتى لو فُرض ما يشبه الإقامة الجبرية على أغلبيتها وعلى هويتها وهواها، ولا الزمان زمن المرشد المؤسس الذي حظي بتأييد عارم وإجماع وكانت الثورة بنظامها ودولتها بحالة زخم وصعود، فيما النظام الآن صادرَ الدولة واختزل الثورة وقسَّم الإيرانيين ما بين أغلبية معارضة وأقلية حاكمة.

من المرشد إلى الرئيس ومن الرئيس إلى المرشد، تُتداوَل الأسماء والتكهنات عن وجوه تتشارك عقائدياً ولكنها تشتبك في صراعاتها على السلطة؛ فيدخل الشخصي في العام، والعام في المصاهرة، والمصاهرة في القربى، والقربى في الوراثة أو التوريث، الذي لم يعد الكلام عنه محظوراً، ولكن التطرق إليه يعيد خلط الأوراق، فبالنسبة إلى أغلب الإيرانيين هناك من هو أحق بالمنصب الأول، فمن يطرح اسم نجل المرشد الحالي قد يواجَه باسم حفيد المرشد المؤسس الذي يحظى بمشروعية شعبية ولم يزل يمثل وجدان الثورة والدولة، أما في المنصب الثاني فإن ذاكرة الإيرانيين كافية للتمييز بين رؤساء جمهورية سعوا إلى تأمين الحد الأدنى لهم رغم كل الصعوبات وبين آخرين لم يمثلوا إلا مصالح النظام.

في الطريق إلى المنصبين يحيط النظام نفسه بسواتر حديدية تفصله عن أغلبية لم تعد معنية بقضاياه بعدما أنهى شراكتها ومشاركتها، وحصر دوره في الحفاظ على سلطته وجعله واجب الواجبات.

arabstoday

GMT 00:44 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

القصور تكتظ بهنَّ

GMT 00:41 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

طمأنينة الحج وفسوق السياسة

GMT 00:36 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

أحلام كسرى وفلتات الوعي

GMT 00:32 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

مأساة السودان وثقافة إنكار النزاع الأهلي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران قَدَر رئيسي وقَدَر النظام إيران قَدَر رئيسي وقَدَر النظام



الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ العرب اليوم

GMT 00:32 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

مأساة السودان وثقافة إنكار النزاع الأهلي

GMT 12:01 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

أرسنال يعلن عن وفاة نجمه السابق كامبل

GMT 03:57 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

قصف روسي على مدينة بولتافا الأوكرانية

GMT 02:49 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

جرائم ولا عقاب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab