أنا فخامة التائه

أنا... فخامة التائه

أنا... فخامة التائه

 العرب اليوم -

أنا فخامة التائه

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

في متاهة الجنرال أو جنرال المتاهة، تاهت البلاد ومعها العباد، لكن الجنرال بوصفه القائد البطل المغوار الجبل العنيد الرئيس القوي القبطان القادم من أعالي البحار، الأدميرال الذي هزم قراصنة الشرق والغرب، لا يمكن أن يستسلم أو يتنحى. فمنذ ارتدى زيه الحربي وإلى الآن يده على الزناد. هو الجاهز المتأهب عند كل فاصلة ونقطة، المسيطر المستعد المهاجم المتيقظ المتربص، لم يترك الخندق لم يفر أو يلجأ، فصاحب النياشين والأوسمة التي تقلدها عن حروب عبثية خاضها وأخرى كان ينوي أن يخوضها وهزم في أغلبها، قرر في اليوم 7 من الشهر 18 من السنة الثانية من زمن الثورة «الانتفاضة» أن يذكرنا بأنه ما زال بيننا فقال: «أنا (فلان) رئيس الجمهورية، أنا (فلان) الجنرال الذي تعرفونه، أناديكم، لا لتكونوا معي، بل لتكونوا مع أنفسكم ومع مستقبل أولادكم، فدعونا نكتشف معكم الحقائق لنسترجع الحقوق».
ولأنني مواطن، منذ أكثر من عشر سنوات (كما يكتب على مستندات الأحوال الشخصية) أحسست أنني أحد المعنيين بنداء الجنرال، لأنه ذكرني ببيت من الشعر قاله طرفة بن العبد في معلقته «إذا القوم قالوا من فتى، خلت أنني عنيت، فلم أكسل ولم أتبلد». لذلك شعرت أنه من واجبي الأخلاقي والوطني أن أجيب صاحب الفخامة الدولة السماحة النيافة المعالي السعادة المغرد وأقول: «أنا مصطفى فحص مواطن أقل من عادي، أنا مصطفى فحص أغلبكم لا يعرفني، صحافي بسيط لا يملك سلاحاً ولا يؤيد انقلاباً أو تنظيماً مسلحاً، لا أنادي أحداً ولا أشد على يده، وسأقوم بالاعتذار من صديقي أحمد قعبور، في أول جلسة ممكنة على رصيف لم يزل قائماً في عاصمة أقفلت أبوابها ونوافذها بوجه أبنائها، سأقول لأحمد بأنني لم أعد قادراً على تلبية ندائه، لأن من نادى «يا شعب... العظيم» أضاع الشعب والعظمة والوطن، ولأني فرد يبحث عن وطن الأفراد، لا الجماعات الطائفية والمسلحة والعقائدية التي تروج للانتحار الجماعي والشبع الجماعي والحزن الجماعي والمؤامرة الجماعية، قررت أن أكون خارج الجماعة والمكون والطائفة والمذهب والهوية لأحفظ مستقبل ابنتي وامرأتي وعائلتي ومن أستطيع من أصدقائي.
في عهد التيه، سنحمل ما تبقى لنا من ذكريات بعد كابوس المرفأ، بعد السقوط النهائي والانهيار الكامل والارتطام القاسي، إلى أي عاصمة أو مدينة تستقبلنا. هناك سأخبر ابنتي ناديا بأن جدها أوصاها بالمطالبة بحقوقها كمواطنة، وليس بحقوق الجماعات العقائدية المتوترة، في وطن فقده أبوها وقد تستعيده يوماً، وبأننا عشنا في زمن سمير فرنجية الذي عندما عاد من «رحلته إلى أقاصي العنف»، قرر طي صفحة الماضي، الذي ترفض الطبقة السياسية المسلحة أن يمضي. فما قاله سمير بعد الطائف 1989 وبعد مصالحة الجبل 2001 لم يزل صالحاً إلى الآن «لست هنا في صدد الحديث عن تسويات بين القوى السياسية من أجل تقاسم جديد للسلطة فيما بينها، وإنما أتحدث عن مصالحة مجتمعية حقيقية من شأنها وحدها وضع حد لنصف قرن من الحروب الساخنة والباردة».
صاحب الفخامة، تدقيقك الجنائي يختلف عن تدقيقنا، فأنت ومن معك لديهم مكائد سياسية تريد حصره بمؤسسات معينة وفئة معينة، لذلك يمكن القول إنه «حق يراد به باطل»، ولأن المنظومة على باطل، فإن تدقيقنا الجنائي ينطلق أولاً من معادلة الانتفاضة الذهبية «كلن يعني كلن»، فالتدقيق الذي يريده المواطن اللبناني لا يستثني أحداً ولا مؤسسة أو وزارة من الكهرباء إلى المالية مروراً بكازينو لبنان وكل صناديق الفساد التي مولتم منها نفوذكم.
عود على بدء، إلى خريف الجنرال وعهده، كم تمنيت لو كان جدي يمتلك بستاناً، لما انشغلت في الشأن العام، وفضلت التقاعد مبكراً أستمتع فيه مع أحفادي، لا أحمل هم أصهرتي، واستمتعت بقراءة رائعة غابرييل غارسيا ماركيز «ليس للكولونيل من يكتبه».

 

arabstoday

GMT 11:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 10:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 10:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 10:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 04:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنا فخامة التائه أنا فخامة التائه



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:07 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

سماع دوي انفجار في رفح جنوب قطاع غزة

GMT 08:56 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

شهيد في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة جنوب لبنان

GMT 16:30 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

رئيس الإمارات يستقبل سلطان عمان في أبوظبي

GMT 10:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

219 مستوطنا إسرائيليا يقتحمون المسجد الأقصى

GMT 18:53 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

اعتقال 3 ألمان للاشتباه في تجسسهم لصالح الصين

GMT 10:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال خطير يضرب سواحل المكسيك على المحيط الهادئ

GMT 20:49 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

إصابة تامر ضيائي بجلطة مفاجئة

GMT 01:34 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab