لبنان هل باتت باريس جزءاً من الأزمة

لبنان... هل باتت باريس جزءاً من الأزمة؟

لبنان... هل باتت باريس جزءاً من الأزمة؟

 العرب اليوم -

لبنان هل باتت باريس جزءاً من الأزمة

بقلم:مصطفى فحص

في توقيت مُريب داخلياً وخارجياً، يدعو إلى التشكيك مجدداً بنيّات باريس في كيفية معالجة الأزمة اللبنانية، خصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي تتخلى فيها عن التزاماتها السياسية تجاه الداخل اللبناني، ولكن هذه المرة أخلَّت بالتزاماتها الدولية، وتراجعت عما تعهدت به أمام شركائها الإقليميين والدوليين في إنهاء الفراغ الرئاسي؛ صدمت باريس اللبنانيين مجدداً، بعد أن صدمتهم سابقاً في كارثة انفجار مرفأ بيروت، في 4 أغسطس (آب) 2020.

حينها اعتبر أغلب اللبنانيين أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التضامنية قد تسببت في كارثة أخلاقية سُجلت بحق السياسة الخارجية الفرنسية، بعدما اجتمع ماكرون بممثلين عن منظومة السلطة الحاكمة التي تتحمل مسؤولية الجرائم السياسية والاقتصادية والأمنية التي أصابت لبنان؛ ففي ذلك الاجتماع الشهير في «قصر الصنوبر» (مقر إقامة السفير الفرنسي) اعتقد الرئيس الفرنسي أنه من خلال استخدامه عبارات قاسية يصبح قادراً على إجبار طبقة المافيا السياسية المسلحة على الإذعان، وكأنه نسي أو تناسى أنها لا تتوانى عن استخدام العنف خارج مؤسسات الدولة بوجه كل مَن يحاول إخضاعها أو يطلب منها الرضوخ والتسليم.
صدم اللبنانيون هذه المرة بتراجع باريس مجدداً عن التزاماتها التي قدمتها في اجتماع الدول الخمس المعنية بمعالجة الأزمة اللبنانية (السعودية، قطر، مصر، الولايات المتحدة، فرنسا) وعادت إلى طرح الأسماء للمناصب الرئاسية (رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء)، في مخالفة متعمَّدة لما كان المجتمعون سابقاً في باريس قد التزموا به بوضوح، فيما يخص المعايير والمواصفات المطلوب استيفاؤها في الشخصيات التي سيتم ترشيحها من أجل إنهاء الفراغات الدستورية في لبنان.
إصرار باريس على مبدأ المقايضة الذي طرحته من أجل إنهاء الفراغ الرئاسي، القائم على معادلة سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، ونواف سلام رئيساً للوزراء، فيه تبنٍّ واضح وصريح لما يناسب الثنائي الشيعي وحلفاءه والضرب عرض الحائط بمصالح جميع اللبنانيين الذي يحاولون إعادة إنتاج الدولة مقابل منظومة سياسية تحاول بدورها إعادة إنتاج السلطة، يضاف إليها تنكُّر فرنسي لما قاله الرئيس ماكرون في اجتماع «قصر الصنوبر»، من أنه «آن الأوان لترك الساحة السياسية لجيل إصلاحي جديد». فعلى ما يبدو أن «الإليزيه» يصر على مقايضة قيم الثورة الفرنسية بمصالح الشركات الفرنسية الكبرى، لذلك لا يتردد في المساومة مع سلطة تمثل أقلية مالية وسياسية على حساب مستقبل الأغلبية.
عملياً تثير المقاربة الفرنسية للأزمة اللبنانية ريبة إقليمية، خصوصاً أنها تعارض مقاربة دول عربية فاعلة شريكة في اللجنة الخماسية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، التي تصر، ومعها الدوحة والقاهرة، على المعايير الإصلاحية في اختيار المرشحين، وترفض البحث بالأسماء؛ ما يعني أن باريس تتبع سياسة انحياز محلي وإقليمي، ظاهرها الدعوة إلى توافق سياسي، ولكن باطنها البحث عن مصالح اقتصادية، تمتد من مرفأ بيروت على البحر المتوسط إلى ميناء بندر عباس على الخليج العربي.
فعلياً، ما لم تدركه باريس أن تمسكها بالمقايضة الرئاسية المرفوضة داخلياً وخارجياً سيتحول إلى جزء من الأزمة، أو أحد عوامل تأخير الحل، هذا في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة الانهيار الشامل وانحلال ما تبقى من مؤسسات الدولة، نتيجة أفعال طبقة سياسية يبادر «الإليزيه» إلى حمايتها، تحت ذريعة الواقعية السياسية، فيما الوقائع اليومية لحياة اللبنانيين تنذر بمخاطر كبيرة تهدد سلامة الدولة والكيان.
وعليه، فإن مصداقية فرنسا على المحك؛ من اجتماع «قصر الصنوبر» في بيروت، شهر أغسطس 2020، إلى اجتماع باريس، الشهر الماضي، تُكرر باريس أخطاء مكلفة ليس لها وللبنانيين فقط، إنما للأوروبيين الذين تمثلهم، كما أنها تقف بوجه الإرادة العربية التي ترفض مقايضة الاستقرار بالإصلاح.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان هل باتت باريس جزءاً من الأزمة لبنان هل باتت باريس جزءاً من الأزمة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة
 العرب اليوم - بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية
 العرب اليوم - التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab