السوداني وظلم ذوي القربى

السوداني وظلم ذوي القربى

السوداني وظلم ذوي القربى

 العرب اليوم -

السوداني وظلم ذوي القربى

بقلم - مصطفى فحص

منطقياً من المفترض أن تشكل قوى «الإطار التنسيقي» رافعة للحكومة العراقية الحالية برئاسة السيد محمد شياع السوداني، فهي تمثل أقصى ما يمكن أن تحصل عليه قوى الإسلام السياسي الشيعي المُسلح بعد أن تعرضت لأقصى هزيمة شعبية في الانتخابات التشريعية 2021، وأعطاها انسحاب الصدر من البرلمان فرصة ذهبية لتشكيل أغلبية شيعية متجانسة من دون معارضة برلمانية، أو حراك شعبي، فهي الحكومة الوحيدة منذ سقوط نظام صدام حسين تمثل بشكل كامل القوى الولائية كافة داخل السلطة التنفيذية، ولعلها الأولى من دون ممثلين مباشرين أو غير مباشرين عن التيار الصدري.

ولكن في اللامنطق السياسي السائد الذي يحكم العراق منذ 2003 على مستوى التمثيل السياسي الشيعي أن هذه القوى خصوصاً المتمكنة تنفيذياً وتنظيمياً وبشخوصها القيادية الكبيرة والمؤثرة انتقلت من موقع المؤيد لعمل الحكومة ورئيسها إلى موقع الناقد والمُجحف بحقها، وبحق رئيسها، وباتت تُجاهر علانية بتقييد طموحاته المستقبلية المشروعة. فبعد أكثر من سنتين على تشكيل حكومة «الإطار التنسيقي»، لم يأتِ التصويب المباشر على عملها، والتقليل من أهميته، لا من التيار الصدري، ولا من رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي الذي مارست سلطة «الإطار» عملية اجتثاث بحق مرحلته، ولا من الزعيم السنّي الأقوى رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي رغم ما تعرض له من كيد سياسي، ولا من الزعيم الكردي كاكا مسعود برزاني بالرغم مما تعرضت له أربيل من ضغوط، والحكومة الفيدرالية من حصار، وسحب صلاحياتها على يد المحكمة الاتحادية، إذ إن هذه القوى الأربع ظلت بمنأى عن مهاجمة الحكومة، ورئيسها، بل إن الهجوم جاء من بيت الحكومة الداخلي بسبب حسابات خاصة لدى أركان هذا البيت دفعتها إلى الشروع في عملية وقائية سياسية مبكرة ضد السوداني قبل موعد الانتخابات التشريعية المقبلة.

من الواضح أن قلق الإزاحة الجيلية، وإعادة تشكل القوى الولائية، ومستقبل فصائلها السياسية، وصعود الجيل الثالث إلى واجهة السلطة والإدارة تؤرق قوى «الإطار التنسيقي»، وخصوصاً قياداته التقليدية، فإعادة تشكل المشهد السياسي على المستوى الشيعي العام قبل وبعد الانتخابات التشريعية المقبلة محطة مفصلية في مستقبلها، وأحجامها، ترتبط بعودة التيار الصدري بفاعلية، والقلق من خططه التحالفية المجهولة ما بعد الانتخابات داخل الجماعة الشيعية، ومع الجماعات الوطنية الأخرى المتضررة من تصرفات سلطة «الإطار»، يضاف إليها صراعات الإزاحة الجيلية داخل القوى الكبرى الوازنة في «الإطار التنسيقي»، وفقدان السلاسة الانتقالية من جيل إلى آخر، التي باتت تخضع لحسابات شخصية، وصراعات مراكز القوى قد تؤدي إلى انقسامات، وانشقاقات ستتسبب في تشتيت قوتها، وإضعاف تأثيرها.

وسط هذا الارتباك الجيلي والتنظيمي لـ«الإطاريين» التقليديين والناشئين غير القادرين على كسب ود الشارع، يتبلور صعود طبقة سياسية يمكن تسميتها بقوى الداخل، أي تلك التي عاشت تحت حكم البعث، وليست من العائدين بعد سقوط البعث، ويمكن اعتبارها الجيل الثالث ذا البعد الإسلامي المعتدل في تكوينه العقائدي، ويمثله السوداني الآن في السلطة، ويستخدم خطاباً مرناً مع الداخل والخارج أشبه بالمنطق الذي سمح بصعود التيار الإصلاحي في إيران بوجه التيار المحافظ، وحزب «العدالة والتنمية» بوجه التيار «الإخواني» المتشدد في تركيا، فهذا التيار أو الجيل يمكن أن ينافس القوى الشيعية المؤسسة لنظام 2003، أو يصبح شريكاً مضارباً لها في السلطة.

أزمة هذه القوى الحاكمة والتي ترغب في استمرار تحكمها والحفاظ على حصتها الوازنة في السلطة والثروة مع رئيس حكومتها ليست في توجهاته السياسية، أو علاقاته الخارجية، فهي غضّت الطرف عن زيارته لواشنطن، وأدارت أذنها الصماء لنتائج زيارة الرئيس التركي لبغداد، ولم تعلق على التأثيرات الجيو-استراتيجية لمشروع طريق التنمية، ولا على تقارب الحكومة من دول الخليج العربي، بل كان هاجسها إفراغ إنجازات الحكومة المحدودة من قيمتها، والتقليل من أهميتها بدل من أن تتبناها، وهذا ما أثار استهجان المواطن العراقي البسيط المحروم منذ 21 سنة من الخدمات، والذي يتعامل بإيجابية مع أي بنى تحتية يراها بأم عينيه، ولا يكترث لأي بنية استراتيجية، ولا اتفاقيات كبرى يسودها فساد أكبر، بل أصبح هاجس ذوي القربى الأكبر في كيفية منع السوداني من التفكير حتى بولاية جديدة.

ما يواجهه السوداني واجهه بعض ممن سبقه في هذا المنصب، بأن القوى السياسية الشيعية الحاكمة كلها ترفض أن يكون هناك رئيس فعلي لمجلس الوزراء، بل أقصى ما تسمح به هو منصب الوزير الأول، وهي عاقبة كل من حاول أن يُعيد لهذا المنصب دوره، ومكانته، ومن أجل ذلك لن تترد في إطاحة حكومته، أو في التخلي عنه إذا لم يخضع لشروطها. وللحديث بقية...

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السوداني وظلم ذوي القربى السوداني وظلم ذوي القربى



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab