بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
أمضيتُ نحو أسبوع فى لبنان. شاركتُ فى المؤتمر الإقليمى السادس الذى ينظمه سنويا مركز البحوث والدراسات فى الجيش اللبنانى. وقضيتُ بقية الفترة فى متابعة التطورات والفعاليات الفنية والأدبية التى تزدهر فى الصيف اللبنانى الجميل.
وتُعد المهرجانات الفنية التى تغطى الكثير من مناطق لبنان ومحافظاته من بيت الدين جنوباً إلى البترون شمالاً من أهم الفعاليات الصيفية وأكثرها روعة وبهجة.
لم يحل الوضع المضطرب فى المنطقة وانعكاساته الخطيرة على لبنان دون استمرار هذه المهرجانات. كما لم يؤثر الانكماش الشديد فى حركة السياحة وتداعياته المؤلمة فى إصرار منظمى هذه المهرجانات على استمرارها.
وأثبت اللبنانيون مرة أخرى قدرتهم الهائلة على التكيف مع أى وضع مهما كان صعباً أو خطيرا، وهم الذين عاشوا فى ظل حرب أهلية لفترة امتدت 15 سنة كاملة دون أن يتخلوا عن أنماط حياتهم فى مختلف المجالات. فهم يحبون الحياة، ويعرفون كيف يعيشونها تحت أى ظرف
وإذا كان هذا هو ما فعلوه خلال حرب أهلية طويلة، فليس غريباً أن يتحدوا الآن الأوضاع المضطربة والتهديدات الإرهابية التى تواجههم، والانعكاسات المباشرة للأزمة السورية عليهم، والأزمات التى تضرب معظم المرافق الأساسية والقطاعات الاقتصادية وفى مقدمتها القطاع السياحى الذى كان أحد مصادر الدخل الرئيسية.
وبسبب قدرتهم على تحدى كل هذه المعوقات وإصرارهم على أن يحافظوا على أنماط حياتهم، لم تتوقف المهرجانات الفنية الصيفية التى حضرت جانباً صغيرا من اثنين منها خلال وجودى فى لبنان، وهما مهرجان جونية الصغير، ومهرجان بيت الدين الكبير الذى يُقام فى ساحة قصر تاريخى رائع يُستخدم مقراً صيفياً لرئاسة الجمهورية اللبنانية.
وفى كل هذه المهرجانات وغيرها، نجح لبنانيون فى ملء كثير من المقاعد التى كان يشغلها عادة سائحون منعهم الخوف من الذهاب إلى لبنان هذا العام.