بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
أحكم قبضته على السلطة، وصار أقوى مما كان فى ولايته السابقة. هذه خلاصة تحقيق نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» قبل أيام، وتضمن مقارنة سيطرة ترامب اليوم بما كان فى الولاية السابقة. تضمن التقرير الحالات التى أوقف فيها الكونجرس قرارات أو إجراءات اتخذها. لم يعد هذا ممكنًا فى فترته الحالية. الكونجرس «فى جيبه»، ولا رقابة برلمانية عليه. ولم يبق إلا رقابة القضاء الذى أوقف فعلا بعض أوامره التنفيذية مؤقتًا.
تحقيقً الصحيفة الأمريكية مكتمل الأركان، ولكنه يركز فى العلاقة بين السلطتين التنفيذية والبرلمانية. ولهذا لا يتطرق إلى التفاعلات داخل السلطة التنفيذية. فقد حفلت ولاية ترامب الأولى باستقالات وإقالات من أهم المواقع فى إدارته، وهو ما يصعب تصور أن يحدث مثله مرة أخرى بعد أن اختار مساعدين يدينون له بالولاء الكامل، ولا يناقشونه فيما يقوله أو يفعله. لا يوجد فى الإدارة الحالية وزير دفاع مثل جيمس ماتيس، الذى استقال من منصبه فى ديسمبر 2018 بعد خلافات عدة كان آخرها إعلان ترامب رغبته فى سحب القوات الأمريكية من سوريا. وقال ماتيس فى رسالة استقالته إنه يفضل أن ينسحب ليعين الرئيس وزيرًا أكثر انسجامًا مع مواقفه. وليس ماتيس وحده، فقد عيَّن ترامب باتريك شاناهان قائمًا بأعمال وزير الدفاع عقب استقالته، وكان يعتزم طلب المصادقة على هذا التعيين. ولكن شاناهان اعتذر قبل أن تكتمل إجراءات المصادقة وغادر هو أيضًا فى يونيو 2019، ولجأ ترامب إلى مارك إسبر الذى كان أقرب إليه. ومع ذلك لم يستمر حتى نهاية فترة الرئاسة، إذ اختلف مع ترامب بشأن كيفية التعامل مع حلف «الناتو» وقضايا أخرى. وكانت النتيجة أن أقاله ترامب. وحدث مثل ذلك فى وزارة الخارجية بدرجة أقل، إذ أُقيل ريكس تيلرسون فى مارس 2018 بعد عام واحد. ولكن مايك بومبيو الذى خلفه صمد حتى نهاية الفترة. لن يرى العالم مثل هذه الاستقالات والإقالات فى الوقت الذى يزداد التحول فى أمريكا إلى نظام أحادى. فالمسألة ليست فى ترامب، بل فى تيار قوى سيُفرز قادةً مماثلين يرجح أن يأخذوا أمريكا إلى طريق الديكتاتورية.