بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
ليس مفهوما كيف يؤمن المرء بمبادئ حزب اختار الانتماء إليه بمحض إرادته، ثم يتسبب في إضعافه بسبب خلاف في داخله أياً كان حجم هذا الخلاف ونوعه. ولكنه مرض عُضال أصاب الأحزاب في مصر منذ أواخر سبعينات القرن الماضي. ولم تنج منه الأحزاب الجديدة التي أُنشئت بعد ثورة 25 يناير.
ويؤدي هذا المرض الي اتهام الأحزاب بأنها هي التي تتحمل المسئولية عن ضعفها، وبالتالي إغفال الأثر الفادح الذي نتج عن محاصرتها علي مدي ثلاثة عقود في إطار سياسة "الديكور الديمقراطي" المتبعة منذ السبعينات.
والعلاقة وثيقة بين المرض الذي تعاني منه الأحزاب والقيود التي فُرضت عليها وأغلقت المجال العام أمامها. فعندما يتعرض حزب في أي مكان للحصار ويُحرم من أهم مقومات التعدد الحزبي، وهو التنافس الحر في إطار تداول السلطة، ولا يُسمع حتي رأيه، لابد أن تزداد الصراعات في داخله, وتصبح تعويضاً عن عدم وجود مساحة حرة يتنافس فيها الحزب مع غيره. وعندئذ تنفجر الطاقات الموجودة في الحزب داخله، بدلاً من أن تُنتج عملاً إيجابياً عبر التنافس مع الأحزاب الأخري في بيئة صحية.
وأدي تراكم الصراعات الداخلية إلي اختفاء بعض الأحزاب التي أُنشئت قبل ثورة 25 يناير، وتهافت بعضها الآخر.ولم يكن لدي الأحزاب الجديدة مناعة لمقاومة هذا المرض رغم أن بعضها أُنشئ في أكثر اللحظات حيوية وتحرراً منذ ستة عقود. صحيح أن هذه اللحظة لم تستمر، ولكنها لم تُستثمر لوضع أساس قوي للأحزاب التي ظهرت خلالها.
وها هو المرض يهدد ما بقي من حزب الوفد، وهو الوحيد من الأحزاب القديمة الذي مازال فيه رمق، مثلما يمثل خطراً علي الحزب المصري الديمقراطي الذي يُعد أحد أهم الأحزاب التي أُسست بعد الثورة.
وإذا كانت حالة الوفد مستعصية، مازال في الإمكان مقاومة مرض الانقسام الذي دب في الحزب المصري الديمقراطي إذا راجع بعض مؤسسيه مواقفهم السلبية التي يتخذونها الآن لمجرد أن الانتخابات الأخيرة في الحزب جاءت بقيادة ليست علي هواهم. وهذه رسالة إلي الكبار والعقلاء في هذا الحزب، وفي مقدمتهم د. نور فرحات، و د. زياد بهاء الدين اللذان يمكنهما القيام بدور إيجابي في وضع حد لمحاولات البعض إضعاف هذا الحزب بطريقة "أنا ومن بعدي الطوفان".