بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
فى الوقت الذى تتبلور تدريجيًا معالم السلطة الجديدة فى سوريا، تتراوح مواقف الأحزاب والتيارات والفصائل الأخرى بين التحفظ والانتظار والمعارضة. لم تستجب بعض الفصائل المسلحة بعد لدعوة تسليم أسلحتها والالتحاق بالجيش، وتتخذ أحزاب وتيارات سياسية مواقف انتظارية، فيما شرعت نخب سياسية عارضت نظام الأسد من الخارج فى تشكيل أول تكوين سياسى معارض للسلطة الجديدة. فقد دعت مجموعة منها إلى مؤتمرٍ وطنى لتأسيس حركة معارضة جديدة,ولكنها قديمة أيضًا, لأن أبرز الداعين إليها معارضون قدامى منذ عهد الرئيس حافظ الأسد.
ويمكن تلخيص مآخذ هذه المجموعة, التى يتصدرها الحقوقى هيثم مناع، على سلطة الأمر الواقع فى سوريا فى خمسة. أولها أنها تعيد إنتاج ما حدث فى عهد الأسد الأب والابن ولكن فى صورة جديدة وتحت لافتات مختلفة، واعتماداً على تحالفات مغايرة. والثانى هو التهرب من التحديد الواضح لمسائل جوهرية بالنسبة إلى مستقبل سوريا فى تصور هذه المجموعة، مثل طبيعة نظام الحكم والعلاقة بين الدين والدولة والسلطة. والثالث عدم وجود معايير واضحة للتمثيل فى المؤتمر الوطنى الذى شُكلت لجنة تحضيرية للإعداد له. فليس معروفا كيف ستختار هذه اللجنة الألف شخص الذين سُيدعون إلى المؤتمر، وعلى أى أسس سيكون هذا الاختيار.
أما المأخذ الرابع فهو غياب المعايير أيضا بشأن التعيين فى مناصب الجيش القيادية المهمة. فقد عُين فى آخر ديسمبر الماضى 49 شخصا فى كثير من هذه المناصب بينهم ستة غير سوريين. ولوحظ أنهم كلهم تقريباً ينتمون إلى فريق واحد. ويبقى مأخذ خامس هو أنه لم يتم تحرير أى شخص من معارضى «هيئة تحرير الشام» الموجودين منذ سنوات فى 11 سجناً تحت سيطرتها فى إدلب.
وبغض النظر عن صحة هذه المآخذ من عدمها فى ضوء الفترة القصيرة التى مضت منذ انهيار نظام الأسد، يبدو أن المعارضين للسلطة القائمة سيزدادون عندما يُعلن تشكيل المؤتمر الوطنى ويتبين من دُعوا ومن استُبعدوا. ولكن المهم أن تكون التشكيلات المعارضة وطنيةً تعمل من أجل مصلحة سوريا ولا ترتبط بجهات خارجية، سواء كانت جديدة أو جديدة – قديمة.