تحطيم التماثيل

تحطيم التماثيل

تحطيم التماثيل

 العرب اليوم -

تحطيم التماثيل

بقلم ـ د. وحيد عبدالمجيد

هل يحق لمن يؤيد تحطيم تماثيل تُمَّجد قيماً متخلفة مثل العنصرية والعبودية أن يدين تدمير تماثيل أخرى بوصفها تراثاً حضارياً تجدر المحافظة عليه، وإبداعاً فنياً ينبغى الاحتفاء به؟ 

أجاب أمريكيون تقدميون عن هذا السؤال بالإيجاب، وبطريقة عملية. فقد قررت مجالس بلدية فى بعض مدن الولايات الجنوبية إزالة التماثيل التى أُقيمت فى الفترة التالية للحرب الأهلية 1861 -1865 لتخليد ذكرى القادة الانفصاليين الذين دافعوا عن العبودية. وفى مقدمة هؤلاء الجنرال روبرت لي قائد قوات الانفصاليين فى الولايات الجنوبية. واستندت قرارات الإزالة إلى تناقض الرموز التى تخلَّدها التماثيل مع القيم الأمريكية. 

وبات معلوماً بعض جوانب الصراع الذى أحجبته تلك القرارات، خاصة فى مدينته شارلوتسيفل بولاية فرجينيا. فقد احتجت جماعات يمينية متطرفة تؤمن بتفوق الإنسان الأبيض ونقائه العرقى، ونظمت مظاهرات اتسم بعضها بالعنف مما أدى إلى صدام مع مؤيدى قرار إزالة التماثيل. وقام شاب من إحدى تلك الجماعات بدهس مجموعة من مؤيدى القرار خلال مسيرة نظموها، وقتل شابة صارت رمزاً لمقاومة التطرف اليمينى والعنصرية. 

وربما أسهم قتلها فى ازدياد التعاطف فى أمريكا والعالم مع قرار إزالة التماثيل. غير أن الدفاع عن مثل هذا القرار لابد أن يثير سؤالاً عن مدى مصداقية تأييد إزالة تماثيل، وإدانة تدمير تماثيل أخرى. فلا يخفى أن مؤيدى إزالة تماثيل رموز عنصرية فى أمريكا أدانوا بشدة إقدام تنظيم زداعشس على تحطيم تماثيل فى متحف مدينة الموصل فى فبراير 2015 على أساس أنها تراث حضارى. وكذلك فعلوا عندما قامت حركة طالبان بتحطيم تمثال بوذا وتماثيل أخرى فى أفغانستان عام 2001. 

وجوهر السؤال المطروح هنا هو: ألا ينطوى قبول إزالة تماثيل، وإدانة تحطيم تماثيل أخرى، على ازدواج فى المعايير، وألا يُضعف هذا الازدواج الأسس التى تقوم عليها مقاومة التطرف، وأليست التماثيل المُرحب بإزالتها أعمالاً فنية لها قيمتها الإبداعية المستقلة عن القيم التى تعبر عنها ؟. 

إن تأمل هذه الأسئلة قد يقود إلى التفكير فى بديل أكثر تقدمية وتعبيراً عن قيم التعدد والتنوع وقبول الآخر، وهو إقامة تمثال لأحد رموز الحرية بالقرب من كل تمثال لأحد رموز العنصرية والعبودية. 

arabstoday

GMT 04:27 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف يحدث التغيير؟!

GMT 19:30 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مدن فى حياتي

GMT 19:10 2024 السبت ,10 شباط / فبراير

معرض الكتاب

GMT 12:43 2023 الخميس ,22 حزيران / يونيو

حى المعادى الذى كان..!

GMT 04:10 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

نفسية أطفال الزلزال!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحطيم التماثيل تحطيم التماثيل



أيقونة الموضة سميرة سعيد تتحدى الزمن بأسلوب شبابي معاصر

الرباط ـ العرب اليوم

GMT 06:40 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 العرب اليوم - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 06:57 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل
 العرب اليوم - أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 11:03 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

فئرانُ مذعورة!

GMT 14:28 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

الجيش السوداني يتقدم في عدة محاور قرب ود مدني

GMT 13:22 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تسييس الجوع والغذاء

GMT 16:45 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

مايكروستراتيجي تواصل زيادة حيازاتها من البيتكوين

GMT 16:25 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

غارات جوية تستهدف موانئ نفطية ومحطات طاقة في اليمن

GMT 04:09 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

22 شهيدا في غزة وانصهار الجثث جراء كمية المتفجرات

GMT 14:46 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

نونو سانتو أفضل مدرب فى شهر ديسمبر بالدوري الإنجليزي

GMT 04:06 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مقتل 6 أشخاص وإصابة اثنين بغارة إسرائيلية جنوب لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab