بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
ينبغى على كل من يحلم بشىء من الكرامة الإنسانية فى بلدنا أن يساند جهود المجلس القومى للأمومة والطفولة فى سعيه إلى مواجهة انتشار تزويج الطفلات القاصرات، أو بالأحرى بيعهن فى سوق نخاسة جديد غير معلن.
فقد توسع نطاق هذه الظاهرة الخطيرة فى السنوات الماضية رغم صعوبة تحديد حجمها بدقة. ولكن بعض المتخصصين فى الدراسات السكانية والاجتماعية يرون أن نسبتها تتراوح بين 10 و15% من إجمالى الزيجات التى تتم فى كل عام من الأعوام الأخيرة.
وهذه نسبة مُفجعة، فضلاًُ عن أنها لا تقف عند حد لأن جزءاً منها، بل الجزء الأكبر، يرتبط بمعدلات الفقر الذى يدفع أُسراً لتزويج بناتها الصغيرات لمن يطلبهن قبل أن يصبحن مؤهلات لتحمل مسئوليات الزواج الجسدية والنفسية والاجتماعية، بل إدراك معناه أصلاً.
وتبلغ المأساة ذروتها حين يتم تزويج فتاة صغيرة تُعد طفلة من رجل يصل سنه إلى ثلاثة أو أربعة أمثال عمرها فى بعض الأحيان للحصول على مبلغ تستعين به أسرتها الفقيرة.
ومن هنا أهمية تحرك المجلس القومى بعد أن ثبت فشل قانون الطفل لعام 2008 فى وضع حد للاتجار بطفلات مستحقات للحماية والرعاية. فهذا قانون مثل عدمه لأنه لا يُجرَّم تزويج القاصرات، بل يمنع فقط توثيق عقد الزواج لمن لم يبلغ 18 عاماً.
وفضلاً عن «شهادات التسنين» المزوَّرة التى تُستخرج فى كثير من المناطق الريفية بلا رقابة أو مساءلة، يتحايل كثير ممن يدفعون ببناتهم إلى هذه الكارثة على القانون بعدم توثيق الزواج والاكتفاء بعقد عُرفى الى أن تبلغ الفتاة السن القانونية. وليس هناك أسهل من تمزيق هذا العقد عندما يكون «الزوج» قد عقد العزم على أن يترك الفتاة التى اقتنصها لمصيرها فى أول فرصة بعد أن يأخذ ما يريده.
ولذلك ينبغى إجراء تعديل جذرى فى هذا القانون المعيب, وأن يتضمن هذا التعديل نصوصا جديدة تتيح مقاضاة ومعاقبة كل من له علاقة بعملية «التزويج» المأساوية هذه، سواء ولى الأمر أو «الزوج» أو الموظف الذى يثبت أنه أصدر «شهادة تسنين» مزورة، أو المأذون الذى يعقد قراناً عل اساس مثل هذه الشهادة0
المصدر: صحيفة الأهرام اليوم