بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
قليلة هى فى عصرنا الراهن التعديلات الوزارية التى تحدث من وقت إلى اّخر فى الحكومات المصرية، أى استبدال عدد من الوزراء وليس تغيير الحكومة بشكل كامل. ويحمل هذا التعديل معنى تحميل الوزراء الذين يتم استبدالهم المسئولية عن ضعف أداء الحكومة، أو عن الأزمات والمشاكل التى تثير استياءً فى المجتمع.
ولا ينسجم هذا المعنى مع المفهوم الحديث للحكومة، وهو أنها فريق عمل واحد، وتعمل بطريقة جماعية، وتكون المسئولية فيها بالتالى تضامنية أى موزعة على رئيسها وجميع أعضائها. وبموجب هذا المفهوم، يمكن فهم استبدال وزير لأسباب شخصية أو قانونية تتعلق به. كما يمكن تغييره بسبب عدم تعاونه مع باقى الوزراء، الأمر الذى يعطل عمل الحكومة.
أما استبدال عدد كبير من الوزراء يصل فى كثير من التعديلات إلى ما يقرب من ثلث أعضاء الحكومة، فلم يعد معتاداً فى الحكومات الحديثة التى يتعذر تقييم كل وزير فيها على حدة، إلا إذا كان يعمل فى جزيرة خاصة به. وهذا هو على وجه التحديد مصدر الخلل الأساسى فى العمل التنفيذى فى بلادنا، إذ يتم تشكيل الحكومات فى غياب رؤية واضحة تجمع أعضاءها الذين يفترض أن يتعاونوا فى العمل على أساسها منها، ويمكن تقسيم العمل بينهم فى إطارها. كما تحدد رؤية الحكومة معايير دقيقة لاختيار الوزراء بحيث يعرف كل منهم، والناس عموماً، لماذا تم اختياره.
ويحدث ذلك بشكل تلقائى فى كثير من بلاد العالم التى حققت نجاحاً لأن الحكومات فيها سياسية تتبنى اتجاهات واضحة فى إطار رؤية تحكمها. كما طورت الدول الناجحة التى لم يصل تطور المجال العام فيها إلى مستوى تشكيل حكومات سياسية وسائل جديدة توفر المقومات الحديثة للحكومة، وفى مقدمتها بلورة الرؤية التى تعمل على أساسها قبل اختيار رئيسها، بحيث يُختار على أساس إيمانه بهذه الرؤية وقدرته على قيادة أعضائها وتقسيم العمل بينهم فى إطار برنامج يعرف كل منهم دوره المحدد فى تنفيذه. ولذلك فليت التعديل الوزارى الجديد يكون الأخير الذى يُجرى بطريقة تقييم كل وزير على حدة. وفضلاً عن أن مصر تستحق حكومة حديثة تعمل بمنهج فريق العمل الواحد والمسئولية التضامنية، فحجم المشاكل المتراكمة ونوعها يجعلان الحاجة إلى مثل هذه الحكومة أكثر من ضرورية.
المصدر : جريدة الأهرام