بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
يثير الاستغراب أن يبدأ تحديد شروط استحقاق بطاقات التموين فى الوقت الذى يرتفع التضخم إلى أعلى معدلاته نتيجة انخفاض سعر الجنيه فى السوق بنسبة تتراوح بين 60 و 80% مقارنة بقيمته الرسمية قبل شهر واحد حين كان الدولار يساوى أقل من تسعة جنيهات.
فالمفترض منطقياً أن يؤدى هذا التغيير الكبير فى سعر الصرف إلى تنامى أعداد مستحقى بطاقات التموين وليس تناقصهم، لأن ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه يعنى انخفاضاً فى القيمة الشرائية الفعلية لدخل الفرد، نتيجة ازدياد ثمن كل ما يشتريه أو معظمه. وهذا فضلاً عن الطفرة التى حدثت فى أسعار الكهرباء والمياه، وفى مصروفات التعليم والصحة وغيرها.
ومع ذلك ربما يفيد التوصل إلى معايير منصفة لتحديد مستحقى هذه البطاقات فى تقليل الآثار السلبية التى ستترتب على غربلة حائزيها، وخفض أعداد من يمكنهم الحصول عليها، فى إطار سياسة تقليص الدعم الموجه للسلع والخدمات.
وقد تابعنا خلال الأيام الماضية عدة تصريحات صادرة عن مسئولين فى وزارات معنية بالموضوع. غير أن الحكومة مطالبة بطرح تصور متكامل بصورة رسمية وإجراء نقاش عام حوله. وإلى أن يحدث ذلك، فالملاحظ أن بعض ما ورد فى التصريحات المشار اليها لا يصلح، مثل الدخل الشهرى بسبب الصعوبات الناتجة عن ضخامة أعداد من يعملون فى الاقتصاد غير الرسمى. كما أن اختزال دخل العمال والموظفين فى الأجور التى يتقاضونها سيكون خطأ بالغاً لأن لبعضهم دخلاً آخر يصعب تحديده.
أما امتلاك سيارة خاصة فهو لا يفيد إلا إذا تم تحديد عمرها, لأن بعض الشباب محدودى الدخل لديهم سيارات صغيرة قديمة لا تصلح معياراً للحرمان من بطاقات التموين. ولذلك ينبغى أن تكون السيارة من طراز إحدى السنوات الخمس الأخيرة مثلاً. وفيما يتعلق بالعقارات يمكن أن يكون امتلاك أكثر من عقارين اثنين معياراً على أساس أن بعض الأسر تجتهد لتوفير شقة لأحد أبنائها ليعيش فيها عندما يتزوج.
ولكن هناك معيارين يمكن أن يكونا أكثر دلالة على استحقاق البطاقة من عدمه، وهما متوسط معدل استهلاك الكهرباء، وقيمة فواتير الهاتف المحمول، لأنهما يعبران عن نوع الحياة ومستوى المعيشة بدرجة أعلى من غيرهما.