بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
الإنسان الذى نشاركه همومه اليوم هو القاضى الدولى الدكتور فؤاد عبد المنعم رياض. وهذه الهموم هى ما دوَّنه فى كتاب عنها تفضل بإهدائى إياه عام 2011 فتصفحته وقتها بسرعة إلى أن أجد فرصة لقراءته بتمعن. ولكن الوقت طال قبل أن تأتى هذه الفرصة لقراءة متأملة لما ينبغى أن يكون هموم كل مصرى يعرف أن بلده يمكن أن يكون فى وضع أفضل بكثير.
وقد أوجز د. رياض جوهر هذا المعنى فى سؤالين جعلهما عنوانين للجزءين الأول والثانى فى كتابه، وهما زهل هكذا تدخل الألفية الثالثة «وسهل من صحوة قبل نقطة اللاعودة»؟. السؤالان مازالا مطروحين مثلما كانا عندما صدر الكتاب قبل ست سنوات، بل صارا أكثر إلحاحاً فى ظل كثرة الحديث عن مخاطر خارجية تُهدَّدنا، رغم أن التاريخ يزخر بأمثلة تؤكد أن الخطر الحقيقى على أى بلد ينبثق من الداخل وفق ما أوضحه د.رياض فى مقدمته التى تلخص جوهر أزمتنا.
ومن هنا أهمية حديثه عن أن (العوامل الداخلية تفوق آثارها أي عوامل فى الإضرار ببنية المجتمع)، وتنبيهه إلى أن (أخطر ما غاب عن وعى المواطن والدولة ما يمكن تسميته «الإبادة الذاتية» أى القضاء على حياتنا، وعلى حياة الأجيال القادمة بأيدينا وليس بأيدى عدو خارجى).
وكثيرة هى المخاطر الداخلية التى يُذكَّرنا بها مثل العدوان على أرض مصر الخضراء المحدودة، وتلوث مياه النيل وهواء المدن، وتفاقم الفجوة بين الثراء الفاحش والفقر المدقع، وضمور الطبقة الوسطى، واستفحال ظاهرة عدم تكافؤ الفرص، وازدياد الإحساس بالظلم والغضب، وتفاقم مشكلة عدم سيادة القانون، والتقاعس عن مواكبة روح العصر وإيقاعه المتسارع، والتقوقع فى ماض تنشد فيه شريحة مهمة فى المجتمع الهروب من تحديات الواقع، وتكريس الجمود والتخلف الفكرى، وغيرها.
ولا يكتفى د. رياض بطرح همومه وشرحها عبر تشخيص المخاطر التى تواجهنا. فهو يقدم فى ثنايا الكتاب أفكاره وتصوراته للإصلاح المبتغى والطريق الذى يمكن أن نسلكه قبل الوصول إلى ما يسميه نقطة اللاعودة، مصحوبة بدروس من تجربته الثرية التى يقدمها لنا بروح شاب فى الثمانينيات من عمره كما وصفه تلميذه د. حسام لطفى فى تقديمه الرائع لهذا الكتاب.