بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
عندما نتأمل اتجاهات التصويت فى جلسة انتخاب الرئيس اللبنانى، ثم ترشيحات الكتل النيابية لرئيس الحكومة، نلاحظ تغيرًا ملموسًا فى الخريطة السياسية الحزبية – الطائفية, برغم أن الانقسام مازال السمة الأساسية فيها.
فقد ظلت الخريطة لسنوات طويلة مقسمة إلى ثلاثة أقسام رئيسية. أولها تحالف الثنائى الشعبى الشيعى (حزب الله وحركة أمل) ومعهما حزب المردة «سليمان فرنجية» والتيار الوطنى الحر «باسيل جبران». وفى مقابل ذلك التحالف، كان هناك تحالف حزب القوات اللبنانية «سمير جعجع» والكتائب «سامى الجُميل» وبعض النواب الذين سموا أنفسهم تغيريين. وفى الوسط بين الفريقين وقف الحزب التقدمى الاشتراكى «جنبلاط» ذو الأغلبية الدرزية، ومعظم الأحزاب والمجموعات السياسية الأخرى.
لم تعد صورة التحالف واضحةً على هذا النحو فى انتخابات الرئيس اللبنانى، التى كان الدور الخارجى فيها أكبر من الداخلى. فقد تحرك الحزب التقدمى الاشتراكى بعيدًا عن فريق الثنائى الشيعى، وتحالف ضمنيًا مع فريق حزب القوات، ومعظم النواب السُنة لدعمه ترشيح جوزيف عون الذى حصل على 71 صوتًا فى جولة التصويت الأولى. ولكن حزب الله وأمل اتبعا تكتيكا تصورا أنه يُمَكنهما من الحصول على ضمانات معينة تبدأ باستمرار نجيب ميقاتى وتشكيله حكومة توافق، فحجبا أصوات نوابهما فى الجولة الأولى، ثم اقترعا لصالح عون فى الجولة الثانية.ولكن عدم نجاح ذلك التكتيك صدم الثنائى الشيعى, إذ تخلى عنه حلفاؤه السابقون والوسطيون الذين كانوا قريبين منه عند تسمية رئيس الوزراء, فحصل نواف سلام على أغلبية كبيرة (85 صوتًا), ولم يُصوت لميقاتى سوى تسعة من النواب المستقلين أغلبهم سُنة مثل جهاد الصمد وعبدالرحمن البزرى وبلال الحشيمى وعبدالكريم كبارة، والباقون مسيحيون أرثوذكس وكاثوليك (جان طالوزيان وجورج بوشيكيان وغسان مسكاف)، والنائب العلوى حيدر ناصر فيما امتنع الثنائى الشيعى عن التسمية لكى لا يظهر أنه صار أقليةً صغيرة مقابل أغلبية كبيرة. غير أن ما حدث فى انتخاب الرئيس وتسمية رئيس الحكومة لا يعبر عن تحالفٍ قابل للاستمرار. فالأرجح أن التحالفات ستكون متحركة حسب القضايا المطروحة إلى أن تجرى الانتخابات النيابية فى العام المقبل.