بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
كمواطن مصرى، عشت فى صباى وشبابى، تجربة الوحدة المصرية السورية (1958) - (1961) التى كانت، كما ذكرت مرارا، عملا عاطفيا بحتا، حمل منذ لحظته الأولى بذور فنائه، إلا أنها كانت بالنسبة لجيلنا بالذات، وبالرغم من قصرها الشديد، فترة زخم وحماس وحدوى وعربى حاد، طبعت فى ذاكرتنا ونفوسنا آثارا طيبة لا تمحى عن العلاقة الخاصة مع الشعب السورى! إنها علاقة تبلورت فى مظاهر ورموز اجتماعية بدءا من انتشار العديد من أكلاته المميزة كالشاورما والتبولة والحلوى السورية، فضلا عن ياميش رمضان بكل أصنافه! وحتى الأغانى ورقصة الدبكة السورية، ثم الزواج والمصاهرة بين الشعبين. والمدهش أن تلك الآثار التى تركتها تجربة وحدوية يقل عمرها عن أربع سنوات، منذ أكثر من ستين عاما، دشنت وكرست علاقة خاصة متينة للغاية بين الشعبين جعلت الحضور والوجود السورى فى مصر مؤخرا، بكل مظاهره التجارية والاجتماعية، أمرا مرحبا به تماما من الشعب المصرى. وقد يقول قائل هنا: إن الترحيب بالغرباء أمر معتاد وبدهى فى مصر..، هذا صحيح، ولكن يظل هناك وضع خاص للسوريين! أقول هذه المقدمة الطويلة قبل أن أعبر- كمواطن مصرى- عن كامل سعادتى وارتياحى لما قرأته فى صدر الصفحة الأولى من الأهرام أمس (5/1) بعنوان رسالة تضامن قوية مع الأشقاء السوريين: طائرة مساعدات مصرية فى دمشق على متنها 15 طنا. وكما جاء فى متن الخبر، فقد وصلت (أمس الأول) طائرة شحن مدنية تابعة لمصر للطيران محملة بمساعدات إغاثية وأدوية وأغذية مقدمة من الشعب المصرى إلى الشعب السورى عن طريق الهلال الأحمر فى البلدين، هذا تصرف رائع ومسئول من الدولة المصرية، لا يرتبط بالتطورات السياسية هناك، بعد الإطاحة بحكم بشار الأسد، الذى دفع ملايين السوريين إلى هجرة بلادهم! فالعلاقة بين الشعب المصرى، والشعب السورى، كانت وسوف تظل هى الباقية والقوية دوما.