بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
«القطاع الخاص يقود التنمية»! ذلك هوالمانشيت الرئيسى الذى تصدر الصفحة الأولى من «الأهرام» أمس (30/10)، فى تغطيتها لخطاب د. مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، فى مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» فى الرياض بالمملكة العربية السعودية، يوم الثلاثاء أمس الأول. لقد قرعت فى ذهنى تلك العبارة ناقوسا عاد بى إلى الوراء أكثر من ستين عاما ، وتحديدا عندما كان عمرى خمسة عشر عاما فى عام 1962عندما أعلن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الميثاق الوطنى» وهوالوثيقة التى دشنت و«نظرت» عملية تحويل الاقتصاد المصرى إلى اقتصاد اشتراكى! ... وقد جاء فى «الميثاق» أن «القطاع العام يقود التنمية» !درس جيلنا «الميثاق» فى المدارس، وناقشه فى حلقات «منظمة الشباب» واستبشر المثقفون والمفكرون الاشتراكيون والماركسيون به خيرا، وغفروا لجمال عبدالناصر، اعتقالهم وتعذيبهم فى السجون، وفاء لمبادئهم ولاقتناعهم بـ«حتمية» الحل الاشتراكى! وهكذا كنت أنا وزملائى فى تلك المرحلة المبكرة من عمرنا، باحثين عن الحقيقة، متعطشين للمعرفة، خاصة أن بعض رموز الفكر الاشتراكى والماركسى فى ذلك الحين، والذين تعرفنا عليهم مباشرة (مثل إسماعيل صبرى عبدالله، وفؤاد مرسى…وغيرهما كثر)، كانوا نماذج رائعة فى اللباقة والاحترام.
غير أن الزمن دار دورة كاملة، وسقط المعسكر الاشتراكى بكامله، مثلما تلاشت الاشتراكية فى مصر، وزحف الانفتاح، بحلوه ومره، مع بداية السبعينيات، وصار «الميثاق» نسيا منسيا. ولكن عبارة د. مدبولى فى خطابه أمس الأول... ذكرتنى ببعض ما مضى...، ولكن – ما هو مهم، ومهم جدا الآن – هو ألا يخذلنا القطاع الخاص، وان يقود فعلا تنمية حقيقية للاقتصاد المصرى، وان يبادر لاقتحام مجالات – ليس فقط الزراعة والخدمات- وإنما أيضا الصناعة ، وفتح آفاق جديدة وواعدة لها، وبذلك فقط يحق بل يوجب له، أن يقود التنمية فى مصر!.