تدخلات الخارج والأمن القومى

تدخلات الخارج والأمن القومى!

تدخلات الخارج والأمن القومى!

 العرب اليوم -

تدخلات الخارج والأمن القومى

بقلم : مكرم محمد أحمد

لا أظن أن أيا من القمم العربية السابقة جعلت من الأمن القومى العربى هاجسها الأول والأخير قبل قمة الظهران، ولا أظن أن قضية الأمن القومى العربى كانت موضع إجماع العرب كما هى الآن، الجميع متوافقون على أن غياب التوافق على مفهوم واحد للأمن القومى يُشكل أحد الأسباب الخطيرة لتآكل حضورنا العربى الجماعي، بما يغرى الآخرين على التدخل فى شئوننا الداخلية، والجميع متوافقون على أن الأمن القومى العربى يواجه تحديات غير مسبوقة تُشكل تهديداً وجودياً حقيقياً يسعى لإسقاط الدولة الوطنية، وابتداء من الملك سلمان إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى يستشعر الجميع أن العرب يواجهون أخطر أزمة منذ استقلالهم، وأننا بحاجة إلى إستراتيجية شاملة للأمن القومى العربى توقف هذا التردى فى أوضاعنا الراهنة، وتستعيد الحد الأدنى من التنسيق المطلوب لإنقاذ الوضع العربي، والوقوف بحزم أمام واحدة من أخطر الهجمات التى عرفتها الدولة الوطنية.

الجيش التركى موجود على أرض دولتين عربيتين فى حالة احتلال صريح، والحوثيون يجترئون على إطلاق 119 صاروخاً على السعودية بينها ثلاث سقطت إلى جوار مكة المكرمة، والاجتراء الإيرانى يستثمر هشاشة الوضع اليمنى للولوج إلى الساحة الخلفية للمملكة العربية السعودية واستعمال أدواته فى التخريب، ومخططات تصفية القضية الفلسطينية لا تجد أى رادع فى ظل الانقسام بين فتح وحماس ورئيس حكومة الوفاق الوطنى الفلسطينى يتعرض لمحاولة اغتيال مكشوفة فى قطاع غزة. وإذا كنا نستشعر حاجتنا المُلحة إلى إستراتيجية شاملة للأمن القومى العربى تُمكننا من الوقوف بحزم أمام أشرس التحديات، فإننا نحتاج كذلك لإعادة تأسيس علاقاتنا مع دول الجوار الإقليمى بما يمنع إفتئاتها على حقوق العرب وأمنهم ويكفل حسن الجوار وعدم التدخل فى الشأن الداخلى العربي، ولن يتحقق ذلك بغير رادع عربى قوى يكيل الصاع صاعين لأنه من غير المقبول ومن غير المعقول أن تهدر هذه القوى الإقليمية حق الجوار وتعمل بدأب شديد لإنشاء مناطق نفوذ داخل الدول العربية على حساب مؤسسات الدولة الوطنية، ومع الأسف هناك من الأشقاء العرب مثل قطر من تورطوا فى التآمر على الأمن القومى العربي، وأعطوا لجماعات الإرهاب ابتداء من داعش والقاعدة الملاذات الآمنة وأمدوها بكل وسائل العون المادى والمعنوى التى مكنتها من السيطرة على 40 فى المائة من مساحة العراق وسوريا.

وأيا كان هاجسنا وقلقنا على الأمن العربى وضرورات إعادة النظر فى كثير من قضاياه، فإن هذا القلق لا ينبغى أن يُشعرنا بالإحباط أو يفقدنا القدرة على الثقة بأنفسنا، لأننا نجحنا بالفعل فى هزيمة قرار الرئيس الأمريكى ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وحاصرناه فى عُقر داره وحشدنا ضده 128 دولة، أجمعوا على أنه قرار غير شرعى وغير قانونى يخرق القانون الدولي، وأنه قرار منعدم الأثر، وما من شك أن قرارات قمة الدمام التى تسمت باسم القدس وأعادت تأكيد ثبات وصحة الموقف العربى تمثل بالفعل رد اعتبار آخر للفلسطينيين والعرب والقانون الدولى ومعايير العدالة الدولية،خاصة مع تأكيد قمة الدمام أنه لا سلام بدون دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. ولأن الأمن العربى كل واحد لا يتجزأ كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى يصبح من الضرورى تطبيق المعايير ذاتها على المشكلة السورية باعتبارها مشكلة شعب عربى دفع أكثر من نصف مليون شهيد، و11 مليون مواطن شردوا خارج دورهم، بينهم ستة ملايين لا يزالون خارج سوريا، وأظن أنه آن الأوان لإنهاء عذابات الشعب السورى بصرف النظر عن مصير بشار الأسد، لأن الدم المُراق فى سوريا دم عربي، ولأن سوريا أرض عربية ينبغى ألا يتقرر مصيرها وتعالج مشكلاتها إلا وفقاً لإرادة الشعب السورى الذى ينبغى أن يستعيد مقعده فى الجامعة العربية فور كتابة الدستور الجديد، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وما يسرى على سوريا يسرى على كل المشكلات العربية التى تراكمت طويلاً من دون حل بما أضعف العرب كثيراً.

وقد يكون واحداً من أهم قرارات قمة القدس إدراك العرب الشامل لأهمية أن تحافظ القمة العربية على وحدة وسلامة وعروبة كل دولة عربية، وقطع الطريق على أية محاولة من التنظيمات الإرهابية ورعاتها الإقليميين والدوليين لتمزيق أوصال الأوطان العربية، وهى مسئولية ضخمة تقع على عاتق الجميع كى ينتفى أى تدخل خارجى فى الشأن العربي.

المصدر : جريدة الأهرام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

GMT 01:05 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

حكاية الحكومات في فلسطين... والرئيس

GMT 02:47 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

لماذا مدح بوتين بايدن؟

GMT 01:26 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

سياسة في يوم عيد الحب

GMT 01:23 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

كوارث التواصل الاجتماعي!

GMT 02:27 2024 الأربعاء ,14 شباط / فبراير

تستكثرُ علي بيتك؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تدخلات الخارج والأمن القومى تدخلات الخارج والأمن القومى



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab