قبول أم مصالحة

قبول أم مصالحة؟

قبول أم مصالحة؟

 العرب اليوم -

قبول أم مصالحة

عمرو الشوبكي

يكبر ويخفت حديث المصالحة حسب الأحوال، والبعض يقصد به الإخوان، والبعض الآخر يقصد به جانباً من القوى التى شاركت فى 30 يونيو، إلا أن المعنى الخفى أو المستتر من حديث المصالحة يظل المقصود به فى أغلب الأحيان جماعة الإخوان المسلمين.

والمؤكد أن موضوع المصالحة له تكلفته السياسية ولكن الأهم أن له استحقاقاته، والواضح أن استحقاقاته لا يرغب أحد فى دفعها الآن، خاصة جماعة الإخوان التى أضاعت منذ شهر يونيو 2013 كل الفرص التى تجعل قبولها فى الحياة السياسية أمراً وارداً.

والمؤكد أن دعوة الإخوان يوم 3 يوليو للمشاركة فى خريطة الطريق كانت رسالة رفضتها الجماعة، ليس فقط بسبب إقصائها عن السلطة، إنما لأنها كانت ستعود للحياة السياسية بشروط جديدة واستحقاقات مختلفة عن تلك التى أوصلتها للحكم فى عهد مرسى، وهى جماعة دينية سرية غير شرعية اضطرت على سبيل إبراء الذمة أن تقيم حزباً سياسياً، أى أنها كانت ستضطر فى حال قبولها بأن الشعب المصرى انتفض ضد حكمها، أن تكون ضد ما تربت عليه 80 عاماً، وستقوم بالفصل التام بين الجماعة الدينية والحزب السياسى، وتلتزم بقواعد الدولة الوطنية والدستور المدنى والنظام الجمهورى، بما يعنى أن منتج هذه العملية لن يكون هو فكر وتنظيم جماعة الإخوان المسلمين الذى عرفته مصر منذ نشأتها. والمؤكد أن قبول جماعة الإخوان المسلمين فى الحياة السياسية المصرية يعنى بتعبير وزير خارجيتنا اللامع (والسابق)، نبيل فهمى، فى محاضرته المهمة فى صالون المسلمانى، أمس الأول، أن المصريين يمكن أن يقبلوا الإخوان إذا تغيروا، وهم لم يتغيروا حتى الآن. والمؤكد أن القبول يختلف عن المصالحة، فالقبول يعنى الدخول فى الساحة السياسية الشرعية وفق قواعد وأطر متفق عليها مسبقاً ومستقرة فى الضمير الجمعى للمصريين، أى الإيمان بالدولة الوطنية والدستور المدنى وقواعد الديمقراطية والمواطنة، وداخل هذه الأطر يمكن أن تتنافس أو تختلف أو حتى تتصارع القوى السياسية سلمياً، بما فيها الإسلاميون.

القبول هنا يعنى فتح الباب أمام النضال السلمى من أجل تحقيق أهدافك، واعتبار نفسك شريكاً فى هذا الوطن ولست صاحبه، لأن لديك جماعة مغلقة على نفسها ولديها طقوس موازية لطقوس الدولة والمجتمع، فتعايشت معهما فى مراحل الاستضعاف، وأخرجت طاقة هائلة من الكراهية بعد أن أقصيت من السلطة.

شرط القبول هو شرط دستورى وقانونى، وهو نظرياً لا يمنع أى منتمٍ لجماعة الإخوان المسلمين أن يدخل فى العملية السياسية بشرط ألا يكون ارتكب أو حرّض على أى جريمة، وعملياً الإخوان لا يرغبون فى المشاركة ليس بسبب مثالب وأخطاء فى المسار السياسى، إنما لأنهم يرفضون المسار برمته، ويعتبرون أن ما جرى فى مصر هو انقلاب عسكرى، وأصروا حتى الآن ألا يروا أن هناك قسماً غالباً من المصريين أيّد 30 يونيو و3 يوليو ولم يفصل بينهما.

والسؤال المطروح: كيف سيتعاملون مع هؤلاء المؤيدين إذا كانوا من الأصل لم يروهم واختزلوا كل تحركاتهم من أجل إسقاط السلطة القائمة حتى لو سقطت معها الدولة على دماغ 80 مليون مصرى، كما لم يخف كثير منهم دعمهم الصريح أو الضمنى للعمليات الإرهابية، بل وتشجيعهم عليها وشماتتهم البغيضة فى ضحاياها من الجيش والشرطة، وحتى الشعب لأنه «قبل حكم العسكر»؟

القبول المشروط أو الدمج الآمن، كما سبق أن سميته، قد يأتى فى يوم من الأيام، وعلى الكثيرين ألا يربطوه بحديث المصالحة، لأنه سيكون وفق شروط وقواعد ستنتج نموذجاً آخر غير الإخوانى الذى رأيناه عقب ثورة 25 يناير، لأنها ستنطلق من فرضية تقوم على ضرورة وجود نظام سياسى قوى وكفء، ومؤسسات دولة قوية تفرض شروطها على هذا التنظيم، وتفكك بنيته الداخلية تدريجياً حتى يصبح دخوله فى العملية السياسية وفق شروط مسبقة موضوعة سلفاً، وليس وفق شروطه هو كما جرى منذ وصوله للسلطة.

القبول يختلف إذن عن المصالحة، وهو يعنى الحديث فى شروط وقواعد، أما المصالحة التى يصرخ الكثيرون برفضها فليست مطروحة مع أى قوى حملت السلاح أو حرضت على العنف، إنما هى مطروحة بقوة مع فئات من المجتمع ومن المتعاطفين مع خطاب الجماعة أو مع من سميتهم فى مقال سابق أصحاب الرواية الثانية، (المقصود المختلفون مع الرواية الأولى السائدة والمسيطرة فى قراءة ما جرى فى مصر منذ 30 يونيو)، وهؤلاء ليسوا تنظيماً ولا جماعة، إنما هم جزء من الشعب المصرى تجدهم حولك فى حديثك مع جار أو قريب، ويتفاوت تقديرهم ما بين 10 و20% من الشعب المصرى.

وهؤلاء يمكن وصفهم بالمعارضين تماماً للمسار الحالى، ولبعضهم مرارات حقيقية نتيجة موت قريب أو صديق فى المواجهات التى جرت مع رجال الأمن، تماما مثلما نجد بين ضحايا رجال الشرطة والجيش مرارات حقيقية تجاه الإخوان ومناصريهم، وتحميلهم مسؤولية سقوط هؤلاء الضحايا من الأهل والأقارب.

المصالحة المجتمعية أمر ضرورى، والحفاظ على وحدة النسيج المجتمعى المصرى أهم مائة مرة من المصالحة مع الإخوان، وعلينا أن ننظر إلى المجتمع أكثر من السلطة والقوى السياسية، ونهتم بما أصاب المجتمع من انقسام حتى لو كان هناك تيار غالب مع الحكم الحالى، فإنه حتما هناك أقلية ليست معه، وهؤلاء يجب أن تكون هناك قنوات تواصل معهم حتى يصبحوا جزءاً من المجتمع ولا يمثلوا طاقة سلبية تنتج بيئة حاضنة للعنف والإحباط والكراهية.

لم ينجح أى مجتمع فى خلق تقدم اقتصادى واستثمار حقيقى فى بيئة مستقرة إلا بعد أن حل مشاكله السياسية وقضى على الإرهاب، ليس فقط بالحلول الأمنية إنما بحوائط صد سياسية، وبحوار مجتمعى لايزال غائباً حتى الآن. قد يقبل المجتمع طبعة مختلفة من «الإخوان المسلمين» أقرب لتيارات المحافظة الدينية، وهو أمر ستكون له شروطه وقواعده، فالمهم أن نضع هذه الشروط نصب أعيننا حتى لا تكون عودتهم مرة أخرى نتيجة صفقة أو ضغوط، ونهتم بقواعد نظامنا السياسى ووحدة مجتمعنا قبل أن نتحدث عن الإخوان وغيرهم.

arabstoday

GMT 13:39 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 13:37 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

GMT 13:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ليلى رستم نجمتنا المفضلة

GMT 13:31 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ظاهرة إيجابية بين الأهلى والزمالك

GMT 13:28 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

GMT 13:26 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 13:25 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 13:23 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الموسوس السياسي... وعلاج ابن خلدون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قبول أم مصالحة قبول أم مصالحة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة
 العرب اليوم - خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مورينيو ومويس مرشحان لتدريب إيفرتون في الدوري الانجليزي

GMT 14:39 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

وست هام يعلن تعيين جراهام بوتر مديراً فنياً موسمين ونصف

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تحتفل بألبومها وتحسم جدل لقب "صوت مصر"

GMT 14:38 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتى يحسم صفقة مدافع بالميراس البرازيلى

GMT 14:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جوزيف عون يصل إلى قصر بعبدا

GMT 20:44 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر يونايتد يعلن تجديد عقد أماد ديالو حتي 2030

GMT 14:32 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كييف تعلن إسقاط 46 من أصل 70 طائرة مسيرة روسية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab