بقلم - عمرو الشوبكي
المواجهات الحالية بين إسرائيل وحزب الله محكومة بإطار رفيع يضبط عدم تحولها إلى حرب شاملة، وتبقى الخطورة فى أن خطأ وحيدًا فى الحسابات قد يحول المواجهات المحسوبة بين حزب الله وإسرائيل إلى حرب شاملة مع لبنان.
إن مواجهات أمس الأول بين الحزب وإسرائيل، والصواريخ والمسيرات المتطورة التى أطلقها الحزب على الجليل قاعدة ميرون العسكرية وفشل القبة الحديدية فى صدمهم جعلت الرد الإسرائيلى فى تصاعد، خاصة أنه سبق له أن استهدف قيادات صف أول كثيرة لحزب الله بجانب عشرات المقاتلين والمدنيين.
وحين تكون المواجهات لأسباب عقائدية أو لتناقضات سياسية، فإن خطأ الحسابات يكون واردًا بصورة كبيرة لأن الأمر يختلف عن المواجهات التى تجرى من أجل التحرر الوطنى مثلما فعل حزب الله فى عام 2000 حين خاض وقاد مقاومة بطولية من أجل تحرير الجنوب اللبنانى وانتصر لأنه خاض معركة تحرير أرض محتلة عرفها العالم العربى فى أكثر من ساحة، أما الآن فإن تضامنه مع غزة وارتباطه بالحسابات الاستراتيجية الإيرانية يجعل مواجهاته مع إسرائيل تحمل فى أى لحظة خطر الانزلاق نحو مواجهة شاملة تصعب السيطرة عليها.
والحقيقة أن مواجهة حزب الله لإسرائيل فى 2006 بكل ما تركته من صور صمود فى مقاومة الجبروت الإسرائيلى فإنها أيضًا خلفت مآسى كبرى على لبنان واللبنانيين جراء الغارات والاعتداءات الإسرائيلية، وجعلت كثيرين من اللبنانيين، بمَن فيهم جانب كبير من حاضنة حزب الله الشيعية، يعتبرون أن البلد غير مؤهل لخوض حرب ضد إسرائيل يدمر فيها ما تبقى من مؤسساته، ويعمق من أزماته الاقتصادية، وتُهدم الضاحية الجنوبية، ويُضاف آلاف الشهداء المدنيين إلى مسلسل الشهداء فى فلسطين.
يجب ألّا يدخل لبنان فى مواجهة شاملة مع إسرائيل، خاصة بعد أن اتضح مؤخرًا أن بلدًا كبيرًا بحجم إيران دخل فى «مواجهة منضبطة» مع إسرائيل، وتمسك بعدم الدخول فى مواجهة شاملة معها.
يقينًا أن يأخذ حزب الله بعين الاعتبار رفض أغلب اللبنانيين الدخول حاليًا فى حرب مع إسرائيل ستدمر ما تبقى من لبنان يُعتبر أمرًا إيجابيًّا، خاصة أن البعض كان سيهاجمه بقسوة أشد لو فعل العكس ودخل فى مواجهة شاملة مع إسرائيل، فكانت ستنهال عليه السهام من كل جانب بالقول إنه ورط البنان ودمره فى حرب لا ترى الغالبية العظمى من اللبنانيين أنهم مضطرون مثل باقى الدول العربية للدخول فيها.
أن يضع حزب الله حساباته الداخلية والإقليمية فى عين الاعتبار أمر إيجابى، وأن يكتفى بالاستنزاف الذى يمارسه فى مواجهة الجيش الإسرائيلى، ويدفع ثمنه كل يوم شهداء من عناصره ومن السكان المدنيين مفهوم، إلا أن خطورة تلك المواجهات التى تجرى «على الشعرة» أنها فى أى لحظة، ولخطأ غير متوقع أو متوقع فى الحسابات، تتحول إلى مواجهة شاملة.