عمرو الشوبكي
جرت أمس الأول مراسم تنصيب الرئيس الأمريكى السابع والأربعين، وأصبح دونالد ترامب هو رجل البيت الأبيض الجديد لمدة أربع سنوات وألقى خطابًا، بدا أكثر احترامًا للدستور والقانون مقارنة بأدائه الفوضوى فى فترة ولايته الأولى قبل ٨ سنوات.
وقد تميز حفل التنصيب بحضور ثلاثة رؤساء ديمقراطيين سابقين: (كلينتون وأوباما وبايدن)، وبدا لافتًا كيف أن بايدن ونائبته الخاسرة هاريس التزما بالقواعد والأعراف الديمقراطية، فوقفا احترامًا للرئيس المنتخب وصفقا له لحظة إعلان تنصيبه، ولكنهما لم يصفقا لخطابه مثلما فعل أنصاره، والذى لم يخلُ من غمز ولمز ضد الحكومات السابقة، ويقصد دون أن يصرح حكومة بايدن.
مشهد تسليم السلطة وتداولها بهذه السلاسة هو الجانب المشرق فى الديمقراطية الأمريكية، التى لا تخلو من عيوب، ولكنها أثبتت قدرتها على مواجهة التحديات، ومنها تحدى ترامب نفسه الذى مثل فى طبعته الأولى (٢٠١٧ إلى ٢٠٢١) تهديدًا حقيقيًا لها.
وتضمن خطاب ترامب مجموعة من النقاط؛ أبرزها: إعلان حالة الطوارئ على حدود الولايات المتحدة مع المكسيك، وإرسال قوات أمريكية إلى الحدود الجنوبية ووقف الدخول غير القانونى للولايات المتحدة.. ثم أعلن مجموعة من الشعارات الشعبوية بالقول إنه سيسمى خليج المكسيك بخليج أمريكا، وإنه ينوى استعادة قناة بنما ووضعها تحت سيطرة بلاده، وإنه سيفرض رسومًا على دول أجنبية بهدف «إثراء المواطنين الأمريكيين»، كما عاد وكرر موقفه من قضايا البيئة والمناخ بإعلانه إنه ينوى الانسحاب من «اتفاق باريس للمناخ». وإنه سيصنف العصابات كمنظمات إرهابية.
كما أعلن أنه ينوى إيقاف الحروب وجلب روح جديدة للعالم، وهو شعار نال تصفيق الحضور، خاصة بعد أن اتضح دوره فى الوصول إلى وقف إطلاق النار فى غزة، كما داعب الجمهور الأمريكى المحافظ حين قال إن هناك جنسين فقط ذكر وأنثى، فى إشارة ضمنية لرفضة زواج المثليين والتحول الجنسى دون أن يسميها.
حفل تنصيب ترامب، ثم خطاب تنصيبه، ثم خطابه التالى فى «آرينا الكابيتول» أمام أنصاره يقول إن الطبعة الجديدة من ترامب تشير إلى أنه أصبح أكثر انضباطًا وإيمانًا بالعمل المؤسسى، مقارنة بالأداء العشوائى الذى ميز سنوات حكمه الأربع السابقة حين حاول تطويع المؤسسات لصالح أهوائه وتقلباته وفشل، والمؤشرات هذه المرة تقول إنه تغير قليلًا واكتشف أنه مضطر أن يحترم قواعد عمل هذه المؤسسات المهنية ولا يدخلها فى معاركه الشخصية والسياسية.
ورغم أن أداء ترامب وخطابه بدا أكثر تماسكًا مقارنة بأدائه السابق، إلا إنه لم يتخل عن موقفه المعادى للثقافات غير البيضاء وبثِّ خطاب تحريضى ضد المهاجرين الأجانب، وأعلن أنه سيبعد ٨٨ ألف مهاجر غير نظامى، وسيلغى ٨٠ قرارًا لإدارة بايدن، وكرر ادعاءه الواهى بأن الانتخابات التى خسرها كانت مزورة.
تنصيب ترامب بداية تحوّل كبير ستشهده أمريكا وسيؤثر على العالم.